أوضحت المتخصصة في علم الوراثة والتقنية الجزيئية بجامعة الإمام عبدالرحمن بن فيصل، ندى الأحمدي في حديثها لـ»الوطن» حول موضوع السلالة المعدلة وراثياً من بعوضة «آيدس إجبتي» Aedes aegypti، والذي تم تسجيل ظهوره في منطقتي مكة المكرمة وجازان وفقاً لتقرير صادر عن وزارة الشؤون البلدية والقروية، أن تطبيق مُقترح إنشاء «برنامج الرصد الوراثي» واستخدامه كمقياس موضوعي لمتابعة مدى جودة وجدوى الاستمرار بتجارب إنتاج السلالات المعدلة وراثياً من البعوضة وتقييمها تقييماً علمياً صحيحاً، هو الخيار الأمثل لتفادي الأخطاء الكارثية على البشرية في حال إنتاج سلالات جديدة غير ناجحة مخبرياً من البعوضة مما سيجعلها أشد فتكاً من السلالات غير المعدلة وراثياً.

بيئة محاكاة

أبانت الأحمدي أن تطبيق مثل هذه التجارب ميدانياً وبشكل مباشر في البيئة الطبيعية الحاضنة للبعوض من الأمر غير المنطقي علمياً. إذ من المفترض أن يجرى، بدلاً من ذلك، اختبار أولي لإنتاج السلالات المرغوب في الحصول عليها في بيئة معملية محاكية للبيئة الطبيعية الحاضنة للبعوض. حيث نجد أنها أحد أكثر أنواع البعوض انتشارا وفتكا عبر العالم، كونها مسؤولة عن نقل عدد كبير من الأمراض الوبائية التي تصيب البشر كالحمى الصفراء، وفيروس زيكا، وحمى الضنك، وهي أمراض وبائية قاتلة، كما أن محاربتها صحياً ذات كلفة اقتصادية عالية خصوصاً في الدول النامية.

تقنية الإشعاع

أشارت الأحمدي إلى أنه وللقضاء على هذا النوع الفتاك من بعوض «آيدس إجبتي»، حاول العلماء استخدام الأساليب التقليدية كعملية رش المبيدات الحشرية، لكنها لم تعد كافية للسيطرة عليه كون هذا النوع من البعوض ذا قدرة كبيرة على إنتاج سلالات مقاومة لتلك المبيدات. فخلال فترة الخمسينيات من القرن الماضي، عملت وزارة الزراعة الأميركية على تطوير عدة طرق كانت إحداها طريقة تقنية الإشعاع المؤيّن للتعقيم SIRM، والتي يتم من خلالها تعريض الذكور من هذه الحشرات لجرعة من الأشعة المؤينة والتي تؤدي إلى عقمها بسهولة، وعندما تطلق فإنها تتزاوج مع إناث برية خصبة لا تعطي بيوضها العقيمة نسلاً وبالتالي يقل تكاثرها. وبالرغم من مواصلة استخدام تقنية الإشعاع المؤيّن للتعقيم SIRM في محاربتها، فإن تكلفتها المادية العالية لتوفير الأجهزة والتسهيلات والحاجة إلى فريق متكامل من العلماء من ذوي الخبرة العالية لإدارة البرنامج، تعتبر من أبرز سلبيات استخدام هذه التقنية.

التعديل الوراثي

ذكرت الأحمدي، أن العلماء بدؤوا بالنظر في إمكانية تطبيق فكرة استخدام تقنية الهندسة الوراثية للعمل على إنتاج سلالات جديدة من بعوضة مُعدّلة وراثياً بدلاً من طريقة SIRM،حيث بدأت شركات التقنية الحيوية من مختلف أنحاء العالم في مطلع القرن الحادي والعشرين بتبني هذه الفكرة على الرغم من التحديات والصعوبات المرافقة لهذه الأبحاث الوراثية. مشيرة إلى دور القطاع الخاص في المساهمة في دعم كثير من الأبحاث التي تعمل لصالح الإنسانية والمساهمة السخية التي قدمتها مؤسسة بيل وميليندا جيتس and Melinda Gates Foundation the Bill والمتمثلة بمنحة بحثية بأكثر من 35 مليون دولار لصالح مؤسسة المعاهد الوطنية للصحة بالولايات المتحدة الأميركية، بغرض تطوير وتسريع إنتاج النوع الجديد من بعوض Aedes aegypti المحوَّر وراثياً كسلاح جديد لعلاج الأمراض التي ينقلها هذا النوع من البعوض، كما ساهمت العديد من الوكالات الحكومية وغيرها من المؤسسات الخيرية في الولايات المتحدة وخارجها في تمويل هذه المشاريع.

منطقة الإطلاق

أفادت الأحمدي أن الشركة البريطانية أعلنت نجاح تجاربها الميدانية في بيان صحفي مشترك مع MRCU، في إنتاج وإطلاق نوع جديد من البعوض المعدل وراثياً لأول مرة في عام 2010، حيث تم الحديث عن عملية تقليص أعداد البعوض المحلي بعد تزاوجه مع البعوض المُحوّر وراثياً. وبعد عامين تم الإعلان مجدداً عن استمرار تقلص أعداد سلالات البعوض بنسبة 80 %، حيث اعتمدت هذه النتائج على أساس رياضي تمثل في حساب عدد البيوض الناتجة فقط دون متابعة الأطوار البالغة للبعوض في بيئة الدراسة والتي تتمثل في (منطقة الإطلاق)، لتتم مقارنتها بعد ذلك مع بيئة أخرى طبيعية (منطقة التحكم) والتي من المفترض أن تكون بعيدة عن مناطق تواجد البعوض المُحوّر وراثياً. معلقة أنه وبسبب تجاور منطقتي الإطلاق والتحكم أثناء التجربة، لوحظ أن البعوض المحُوّر وراثياً كان يتحرك بعيدا عن منطقة الإطلاق في أوقات مختلفة خلال التجارب مما أدى وبشكل غير متوقع، إلى أن تنقل بعض البعوض المعدلة وراثياً جيناتها إلى الحشرات الأصلية مما أثار بعض المخاوف من أن ينشأ عن ذلك ظهور أنواع هجينة أخرى تكون أكثر فتكاً من أسلافها.

زيادة أعدادها

أكدت الأحمدي أن عدم ظهور نتائج تجارب العام 2016 – 2017 بشكل علني في أي من المجلات العلمية المُحكّمة، أدى إلى ظهور موجة من المُطالبات والضغوطات المطالبة بالكشف عنها مما أجبر مسؤولي وحدة البحوث والتحكم في البعوض MRCU بجزر كايمان، للإعلان عنها في تقريرها السنوي والذي جاء فيه خلافاً للتوقعات، أنه لم يلاحظ أي انخفاض في أعداد سلالة البعوض، بل ازدادت أعداد البعوض المُحوّر وراثياً (الإناث تحديداً) وهي المسؤولة عن نقل المرض بشكل رئيس بنسبة تصل إلى 150%. وأن اتساع دائرة الجدل بعد إعلان هذا التقرير يعود إلى التساؤل حول مدى جودة تصميم هذه التجارب والأسس العلمية التي بُنيت عليها منذ البداية. كما أثارت تلك النتائج التساؤل من قِبل المختصين حول نوعية الأساليب التي اعتمدت عليها Oxitec بالتعاون مع وحدة البحوث والتحكم في البعوض MRCU في قراءة النتائج التي أتت في تقريرها السنوي. مضيفة أن مثل هذه الممارسات المخبرية تهدف إلى دراسة سلوك البعوض دراسة علمية دقيقة قبل الشروع في تنفيذ التجربة ميدانياً.

أماكن تكاثر بعوضة «آيدس إجبتي» Aedes aegypti:

- تتكاثر في المياه العذبة الراكدة

- الصرف الصحي

- أماكن تجمعات المياه غير المحكمة الغلق والمزارع وأوعية تجميع المياه تحت المكيفات وغيرها.

أماكن انتشارها محلياً:

- مكة المكرمة

-جازان

سلبيات استخدام تقنية الإشعاع المؤيّن للتعقيم SIRM:

1 - التكلفة المادية العالية

2 - الحاجة إلى فريق متكامل من العلماء من ذوي الخبرة العالية لإدارة البرنامج.