رغم أن الولايات المتحدة الأميركية أهدت فرصة ذهبية لتركيا أمام هجوم مرتقب على القوّات الكرديّة في الشمال السوري، إلا أن الرئيس دونالد ترمب فضل أن يشير رد انتقامي مدمّر لاقتصادها إذا تخطّت حدّها في سورية.

وفي تطور جديد أمس، أكد دونالد ترمب أن الولايات المتحدة «لم تتخل عن الأكراد»، وكتب ترمب في تغريدة على موقع «تويتر»، «قد نكون في طور مغادرة سورية، لكننا لم نتخل بأي شكل كان عن الأكراد الذين هم أشخاص مميزون ومقاتلون رائعون»، مشددا في الوقت نفسه على أن واشنطن لديها علاقة مهمة مع تركيا، العضو في حلف شمال الأطلسي والشريك التجاري.

تهديدات ترمب

غير أن مراقبين يفسرون تهديدات ترمب، بأنها تأتي في إطار تغطية قلق حلفائه والداخل الأميركي الذين يتخوفون من الانسحاب الأميركي المفاجئ وفتح المجال لطموح تركي قديم باجتياح الشمال السوري، خصوصاً أن المواقف المتناقضة لإدارة ترمب أحدثت التباسًا دفع زعيم الغالبيّة الجمهوريّة في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل إلى التحذير من عواقب انسحاب «متسرّع» من سورية سيصبّ في مصلحة روسيا وإيران.

ما هي الحدود

من غير الواضح ما يقصده ترمب بالحدود التي يجب أن تلتزم بها تركيا في اجتياحها للشمال السوري، ولكن قال الرئيس الأميركي «أبلغت الرئيس إردوغان بهذا الأمر، وقلت له لا تلحقوا بهم أي أذى، وإلا فستكون هناك مشاكل كبيرة»، وتابع «إذا فعلت تركيا ما اعتبرهُ بحكمتي التي لا نظير لها، تجاوزًا للحدّ، فسأقضي على الاقتصاد التركي وأدمّره بالكامل».

وأوضح مسؤول في الإدارة الأميركيّة أنّ هناك «ما بين 50 و100 عنصر من القوّات الخاصّة في هذه المنطقة، يجب ألا يكونوا عرضة لخطر الإصابة أو القتل أو الوقوع في الأسر إذا ما عبَرَ الأتراك الحدود وخاضوا معارك مع القوات الكرديّة المحلّية».

انتعاش تركي

ولكن تركيا التي يشعر رئيسها بانتعاش حيال الضوء الأخضر الذي منحته إياه الولايات المتحدة لاجتياح الشمال السوري، ردّت على لسان نائب الرئيس التركي فؤاد أقطاي على تهديد ترمب، وحذر من أن «تركيا ليست دولة تتحرّك بناء على التهديدات»، فيما قالت وزارة الدفاع التركية «استُكملت جميع التحضيرات لتنفيذ عملية.

مخاوف غربية

يتخوف الغربيون من أن تتيح الفوضى على الحدود التركية السورية لتنظيم داعش فرصة للنهوض من جديد، خصوصاً أن قادة الأكراد السوريين يحذرون من أن قوات سورية الديمقراطية ربما لا تتمكن من مواصلة احتجاز أسرى داعش إذا تدهور الوضع في حالة الغزو التركي.

وتقول مصادر مسؤولة عن العلاقات الخارجية في الإدارة التي يقودها الأكراد بشمال سورية، إنه لا تزال قوات سورية الديمقراطية تحتجز خمسة آلاف مقاتل من العراق وسورية إضافة إلى ألف أجنبي من أكثر من 55 دولة، ما يبرز مخاوف استخدام قسد لهذه الورقة في نزاعها مع تركيا.

مصلحة روسيا وإيران

ترمب الذي نأى بنفسه عن حلفائه الذين حاربوا داعش بضراوة وهزموها، طالب الأطراف الضالعين في النزاع السوري أن «يحلّوا الوضع»، قائلاً إنّ الأوان آن للخروج من «هذه الحروب السخيفة التي لا تنتهي».

وأثارَ إعلان البيت الأبيض سحب قوّات أميركيّة موجة إدانة في الولايات المتحدة، حتّى ضمن فريق ترمب، ودعا السناتور الجمهوري المقرّب من ترمب ليندسي غراهام ترمب إلى «العودة عن قراره» الذي «ينطوي على كارثة».

هدم الثقة

وقبل أن تعود الإدارة الأميركية وتغيّر موقفها، اعتبرت قوات سورية الديمقراطية أنّ الولايات المتحدة «على وشك هدم الثقة والتعاون»، وكتب المتحدث الإعلامي باسمها مصطفى بالي على تويتر «لا نتوقّع من الأميركيّين حماية شمال شرق سورية، لكنّهم مدينون للناس هنا بتفسير».

وأعلنت تركيا أمس، استكمال الاستعدادات لشن عملية عسكرية في شمال سورية رغم الإشارات المتناقضة من الرئيس الأميركي دونالد ترمب بشأن إن كان أعطى الضوء الأخضر للهجوم.

واتّهم حتى حلفاء ترمب الرئيس الأميركي بالتخلي عن الأكراد الذين يشكلون العمود الفقري لقوات سورية الديمقراطية وخسروا نحو 11 ألف مقاتل في إطار الدور القيادي الذي لعبوه في المعارك ضد تنظيم داعش.

داعش على المحك

وتثير العملية التركية المخاوف من احتمال فرار نحو 10 آلاف مقاتل من تنظيم داعش تحتجزهم قوات سورية الديمقراطية حاليًا في حال اضطر مقاتلو المجموعة لمواجهة الجيش التركي، فيما قال ترمب إن تركيا وغيرها من الدول تتحمل مسؤولية التعامل مع محتجزي تنظيم داعش، وتابع «سيكون الآن على تركيا وأوروبا وسورية وإيران والعراق وروسيا والأكراد البحث عن مخرج وما الذي ينوون القيام به بمقاتلي تنظيم داعش الذين تم احتجازهم».

ردود الفعل

في إطار ردود الفعل المتواصلة، أعربت بريطانيا أمس عن قلقها البالغ إزاء خطة تركيا شن عملية تستهدف المسلحين الأكراد في شمال سورية، وأبلغت أنقرة بأنها لن تدعم خطوتها.

وقال المتحدث باسم رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون أن لندن «كانت واضحة باستمرار مع تركيا بشأن تجنب تحرك عسكري أحادي لأن من شأنه زعزعة استقرار المنطقة» ويهدد جهود دحر تنظيم داعش.

إيران ترفض

غير أن إيران أعلنت رفضها للعملية التركية، وقالت على لسان وزير خارجيتها محمد جواد ظريف، إن إيران «تعارض العملية العسكرية»، ودعا إلى «احترام وحدة أراضي سورية وسيادتها الوطنية»، وذلك في اتصال هاتفي مع نظيره التركي مولود تشاوش أوغلو.

مخاوف من عودة داعش في سورية

- احتمال فرار 10 آلاف مقاتل من تنظيم داعش

- سورية الديمقراطية تحتجز 5 آلاف داعشي

- مخاوف من استخدام قسد ورقة داعش ضد الجميع

- قسد تقول إنها ربما لا تتمكن من مواصلة احتجاز أسرى داعش