دعونا نتكلم عن معلومة سرّبتها المصادر الفرنسية قبل أيام. يقول الخبر -والذي يبدو دقيقا في الوصف وبالتواريخ- إنه تم إيقاف تسليم رادارين حديثين من نوع جي إم 200، وهو نوع من الرادارات الدقيقة، مختص بكشف الأجسام الصغيرة وموقعها، مثل الطائرات دون طيار، وصواريخ كروز، حتى قذائف الهاون الصغيرة، ومداه حوالي 250 كلم.

هذه الرادارات كان مفروضا أن تُسلّم للسعودية من قِبل الفرنسيين، وكانت جاهزة منذ عدة أشهر، لكن ألمانيا عطّلت التسليم، لوجود بعض القطع في الرادارات من صنع ألمانيا!.

المهم في الموضوع، أنه تم تسليم الرادارات في نهاية سبتمبر، أي بعد هجوم بقيق الذي حدث في نصف سبتمبر تقريبا!.

هذا النوع من الرادارات مختص بالحماية مما يشبه الهجوم الذي حدث لأرامكو في بقيق وخريص، وميزته أنه يغطي 360 درجة، وليس كبعض الرادارات التي تغطي جزءا معينا.

والرادارات جي إم 200 كانت جاهزة للتسليم منذ أشهر، لكن الذي عطل الموضوع هم الألمان. للعلم، في العادة عندما تضع دولة حظر أسلحة على دولة أخرى، فإن الرادارات تكون فيها مرونة، لأنها سلاح دفاعي بحت، ولا تؤذي أي كائن!، فما بالكم أن هذا الرادار إنتاج دولة أخرى، فهو إنتاج فرنسي، وفرنسا أعطت الإذن بتصديره للمملكة منذ مدة طويلة، لكن ألمانيا أخّرت التسليم لمجرد أن بعض القطع -بعض القطع- ألمانية «بالعامية منتهى الاستقعاد!».

بغض النظر أين كان سيوضع الرادار في المملكة، لكن هذا النوع من المعدات وظيفته الأساسية هي رصد هجوم مشابه لسيناريو أرامكو!.

هذا مثال واحد على الاستقصاد والنفاق الغربي، وهناك أمثلة غيرها.

لا نتّهم ألمانيا بشيء، لكن نروي الأحداث كما سرّبها الفرنسيون، وللقارئ استنتاج ما يريده. ومن باب الذكرى، دائما ما نذكر مقولة وزير الخارجية الألماني الأسبق يوشكا فيشر «إن ألمانيا هي درع لإيران»، ونذكر أيضا من باب الموضوعية، أن ألمانيا دانت كلاميا الهجوم على أرامكو!.

الحدث الآخر، ويبدو أنه أقل دقة من الحدث الأول، لأنه ما زالت المعلومات شحيحة عنه، لكن هناك بعض الروايات المتداولة عن حادث الحريق أو الانفجار الذي حدث في ناقلة النفط الإيرانية في البحر الأحمر قبل أيام.

الرواية الأولى، أنه حدث بسبب فشل إطلاق صاروخ من الناقلة باتجاه السعودية. واستخدام السفن التجارية أو الناقلات لإطلاق صواريخ ليس جديدا، فقد صممته العقيدة الشرقية «الاتحاد السوفيتي» وأيضا روسيا والصين، وحتى إسرائيل حاولت إطلاق الصواريخ من الحاويات الموجودة في السفن التجارية.

ويقال، إن الإطلاق الفاشل تسبب في حريق، وعندما ظنّ الطاقم أن السفينة ستغرق أرسل نداء استغاثة إلى حرس السواحل السعودي، لكن عندما تم احتواء الحريق، قام بإلغاء الاستغاثة ولم يرد.

عموما، السفينة كانت -كما يقال- بعيدة عن الأنظار لفترة، وقامت بإطفاء جهاز التتبع الدولي للسفن، ويقال لاحقا إن السفينة حاولت عمل ديكور وبعض الأضرار لإخفاء الحقيقة.

الرواية الأخرى تقول، إن إيران تريد إجراء بروفة لتسريب الزيت من ناقلاتها في البحر، من أجل مشكلة بيئية، وهذا إنذار، مثلما فعل صدام عندما أحرق آبار النفط الكويتية، وسرّب النفط في البحر.

أما الرواية الثالثة، فتقول إن إسرائيل قامت بإعطاء درس للناقلة، والمعاملة بالمثل مثل تفجيرات السفن في الفجيرة، من باب إنذار لإيران إذا أرادت لعب اللعبة نفسها مع السفن الإسرائيلية.

بغض النظر عن الروايات المتداولة وعن صحتها، ولا نستطيع ترجيح رواية على أخرى، لعدم توافر المعلومات الكافية، لكن إيران معروف عنها أنها تفكر تفكير العصابات والمنظمات الإرهابية، ولا تستحي من ذلك، وهي تطلب مبالغ مالية من الغرب عن كل شخص تعتقله يحمل الجنسية الغربية، أي نظام رهائن ونظام فدية مثل أي عصابة كولومبية. الفرق أن العصابات تكون مخفية الخاطف وأموال الفدية، بينما إيران تطلب الفدية من الأوروبيين ببجاحة!، فلا يستغرب أن تستخدم السفن التجارية لمهاجمة المرافق المدنية.

يبدو أن أحداث المنطقة تتسارع، خصوصا كلما زاد الضغط على إيران، ويبدو أن العالم لم يعد يحترم مبادئ العلاقات الدولية وقيمها.

إيران تعربد والأوروبيون يستقبلونها ويوفرون التوسط لها، وهذه تركيا غزت شمال سورية. أصبح العالم يؤمن بالأمر الواقع حتى لو عرف أنه خطأ، ولا يريد التدخل. وما زلت أرى الطريقة المفضلة للتعامل مع إيران، ما كررناه لسنوات «اشغلوا إيران حتى لا تشغلكم».

الداخل الإيراني هشّ ويحتاج إلى التأجيج والتحرك، أذيقوا إيران من طعم لعبتها وسُمّها، غير ذلك فإنه من شبه الأحلام أن تغير إيران سلوكها الذي تعوّدت عليه 4 عقود، خصوصا في وضع المسرح الدولي الحالي «كل من يده له»، وكلٌ يرضى بالأمر الواقع!.