وبقي أن أشير إلى أنه من الحكمة «احتواء» المواطنين وحتى «غيرهم» ممن لهم سوابق تجاه الوطن، وحسبنا قاعدة (من ذا الذي ما ساء قط؟! ومن له الحسنى فقط؟!)، ولكن بشرط قوله تعالى (إلا الذين تابوا وأصلحوا وبينوا)، فلا بد من التوبة (بالقول) والإصلاح (بالفعل) والبيان (للناس).
والإسلام تعامل بالاحتواء حتى مع غير المسلمين، بل أعطاهم من الزكاة وهم (المؤلفة قلوبهم) لجلب خيرهم أو كف شرهم.
ولكن ينبغي أن يكون ذلك بمبدأ «لستُ بالخب ولا الخب يخدعني»، فبقدر أننا لا نزايد على الآخرين، ولا نغلق باب التوبة للمصلحة العامة، فكذلك من غير المعقول ولا المقبول أن يتقلب الضال ويتلون ليغنم في كل مرحلة دون أن يطبق الشرط القرآني.
وفي جميع الأحوال لا ينبغي تقريب هؤلاء حتى بعد التوبة، لا سيما حينما يكون على حساب المخلصين المضحين الذين قد يشعرون بخيبة الأمل والإحباط، مما يجعل البيئة طاردة للمخلصين في حال رؤيتهم غيرهم وهم يتقلبون حسب مصالحهم، ويكسبون الحظوة والتقريب والتمكين، فلا الماضي يغفر لهم، ولا الحاضر يشجع على الأمان معهم، ولا المستقبل يضمن الثقة من لدغتهم.
فلا لتخوينهم وإغلاق باب التوبة، ولا لتقريبهم، فضلا عن أن يكون على حساب المخلصين.