استكمالا لقضية تخفيض سقف الطموح، لسبب أجهله، وفي محاولة لدراسة أسباب استهداف الدافعية في تعليمنا، بقصد أو دون قصد، أطرح هنا بعض الأسئلة حول التعليم.

أبدأ أولا بالتأكيد على حسن الظنّ بالإخوة والأخوات في التعليم، ولكن طرح الأسئلة صِحيّ وبَنّاء في مجتمع شاب، يسعى وقيادته إلى تحقيق أهداف عالية وسامية، لتحقيق رؤية واعدة.

دون مقدمات، أتمنى أن يشرح لي المسؤولون في الابتعاث أسباب إيقاف إلحاق أبناء المبتعثين والمبتعثات من الملتحقين ببرنامج «A Levels» برنامج الابتعاث؟

مع العلم أن هذا البرنامج حكومي وانتقائي وتخصصي وتنافسي، ولا يقبل أي طالب بل يجب أن يحصل الطالب على درجات عالية في اختبارات «GCSEs» لا تقل عن جيد جدا في كل المواد، ثم يجتاز المقابلة في كليات «A Levels» ليتم قبوله.

هذا البرنامج يُعِدّ الطالب للتخصص الجامعي، ويمدّ الطالب بمهارات التعلم والبحث والحياة المهنية. يمتد البرنامج سنتين أكاديميتين، يتخرج بعدها الطالب بمؤهل تعترف به كل الدول، ولا تترتب عليه أي تكاليف على خزينة وزارة التعليم، وأعني هنا رسوم البرنامج، فالبرنامج حكومي وتشرف عليه مؤسسة التعليم البريطانية.

قبول الطالب السعودي في هذا البرنامج اعتراف بتميزه من المؤسسة التعليمية البريطانية، وفرصة عالية لاكتشاف قدرات علمية وبحثية كامنة، لأن الجامعات المميزة تزور هذه الكليات، وتنتقي الطلاب انتقاءً للمنح، لكن هذا لا يكفي مسؤولي وزارة التعليم على ما يبدو. بل فات مسؤولي التعليم أن إلحاق المستحقين في هذه المرحلة هو فرصة ذهبية لإثبات جدية الطلاب، وتوجيههم لاختيار التخصصات التي يحتاجها السوق السعودي، وكذلك لتشجيع الطلاب على المنافسة على برامج المنح المحلية للمتفوقين.

في المقابل، تسمح وزارة التعليم بضم الطلاب الذين ينهون برنامج «GCSEs» ممن يقررون الالتحاق بالسنة التحضيرية في الجامعات، إلى البعثة، مع العلم أن هذه البرامج تعترف بها جامعاتها فقط، ولو قرر الطالب تغيير الجامعة داخل بريطانيا أو خارجها، فعليه أن يعيد السنة التحضيرية في الجامعة المقصودة، مما يعني إعادة دفع الرسوم أو إيقاف بعثة الطالب بعد أن صرفت عليه الدولة رسوما ومكافآت دراسية لسنة أكاديمية على الأقل، وفي هذا هدر مادي وبشري واضح، لا يحتاج إلى مزيد من الشرح. أين المشكلة هنا؟.

المشكلة، أن الطالب الذي اجتهد وحرص على تحقيق أعلى الدرجات ونافس الإنجليز في برامجهم القوية، يُصدم بهذا القرار الذي فضّل البرنامج العادي المدفوع على البرنامج الانتقائي المجاني، ولم يرفع سقف التوقعات من طلابه في الخارج، وهذا يؤثر على همّته ويبعث إليه رسالة غير صحيحة عن قيمة العلم، ويجعله وذويه بين اختيارين: إما أن يتنازل عن فكرة التميز العلمي مقابل البعثة، أو يتنازل عن البعثة مقابل التميز العلمي!.

لا يمتلك كل الأهالي الحكمة اللازمة للاختيار، والمسألة هنا ليست مادية فحسب، بل تخطيط جاد للمستقبل، يبدؤه الطالب مبكرا ويبني حوله أهدافه. ودخول الوزارة شريكا مع الأسرة مهمّ جدا لمستقبل الوطن.

فهل تعي وزارة التعليم ذلك، وتضع يدها في يد الطلاب، وتصحح هذا الخلل الإستراتيجي في البرنامج؟.