صعدت المرجعية الدينية العليا في العراق من نبرتها، وأعلنت دعمها للاحتجاجات التي تشهدها البلاد، وقالت «إذا كان من بيدهم السلطة يظنون أنّ بإمكانهم التهرب من استحقاقات الإصلاح الحقيقي بالتسويف والمماطلة فإنهم واهمون».

وشدد السيستاني في خطبة الجمعة التي تلاها ممثله السيد أحمد الصافي في كربلاء، أن الاحتجاجات الحالية ستشكل انعطافة كبيرة في الوضع العام، مبيناً بالقول «لن يكون ما بعد هذه الاحتجاجات كما كان قبلها في كل الأحوال، فليتنبهوا إلى ذلك».

وأكد السيستاني الذي لا يظهر إلى العلن، أن «المواطنين لم يخرجوا إلى المظاهرات المطالبة بالإصلاح بهذه الصورة غير المسبوقة ولم يستمروا عليها طوال هذه المدة بكل ما تطلّب ذلك من ثمن فادح وتضحيات جسيمة، إلاّ لأنهم لم يجدوا غيرها طريقاً للخلاص من الفساد»، معتبراً أن الفساد في البلاد يتفاقم «بتوافق القوى الحاكمة على جعل الوطن مغانم يتقاسمونها فيما بينهم وتغاضي بعضهم عن فساد البعض الآخر».

ميزان القوى

وتواصلت الاحتجاجات في بغداد ومدن الجنوب أمس، وطالب المتظاهرون بالمزيد، فيما واجهتهم القوات الأمنية بوابل من قنابل الغاز المسيل للدموع والرصاص الحي، حيث أفادت مصادر طبية بمقتل متظاهر ليل الخميس الجمعة، بعد مقتل أربعة آخرين في اليوم السابق.

واعتبر المحلل السياسي في معهد كارنيغي حارث حسن أن السيستاني «كان دائم الحرص على عدم استنفاد رصيده بالسياسات الضيقة، وحفظ كلماته للمواقف الأكثر خطورة»، وأضاف أن «كلماته الأخيرة عن الاحتجاجات كشفت مدى جدية إدراكه للوضع الحالي في العراق. ومن خلال انحيازه بشكل أوضح للمحتجين، والتي قد تحدد نتيجة ميزان القوى في السياسة العراقية لسنوات مقبلة».

معركة الإصلاح

وجددت المرجعية العليا تأكيدها أمس على أن «معركة الإصلاح التي يخوضها الشعب العراقي الكريم إنما هي معركة وطنية تخصه وحده ولا يجوز السماح بأن يتدخل فيها أي طرف خارجي».

رسائل إيرانية

وقال مصدر سياسي رفيع مقرب من دوائر المرجعية إن طهران حاولت في الآونة الأخيرة إيصال رسائل إلى المرجعية تطلب منها دعم الحكومة الحالية في خطبتها ودعوة المتظاهرين للانسحاب من الشارع، وإعطاء فرصة للقيام بإصلاحات خلال مهلة زمنية محددة.

وأوضح المصدر أن المرجعية «رفضت الاستجابة لتلك الرسائل أو حتى تلقيها. ولذلك لم توافق أيضاً على استقبال مقتدى الصدر بعد عودته مباشرة من طهران، كي لا يظنّ الشارع أنه يحمل رسالة من طهران»، مشيراً إلى أن «سليماني نفسه، سمع كلاماً قاسياً من المرجعية حيال الدور الإيراني في الأزمة العراقية».

إرادة الشعب

وفي هذا السياق، اعتبرت المرجعية في خطبتها الجمعة أن «إرادة الشعب تتمثل في نتيجة الاقتراع السري العام إذا أُجري بصورة عادلة ونزيهة»، داعية إلى «الإسراع في إقرار قانون منصف للانتخابات يمنح فرصة حقيقية لتغيير القوى التي حكمت البلد خلال السنوات الماضية».

إشارات من خطبة المرجع السيستاني

أول مرة تعلن المرجعية صراحة دعم المحتجين

الفساد في البلاد يتفاقم بتوافق القوى الحاكمة

لن تستطيع الحكومة الهرب من استحقاقات الإصلاح

معركة الإصلاح تخص العراقيين دون تدخل خارجي