منذ الأيام الأولى لنظام الخميني واقتحام السفارات هو العمل المفضل لهذا النظام، ضاربا عرض الحائط بالاتفاقيات الدولية والمعاهدات بين الدول الطبيعية.
لا ألوم وزير الدولة للشؤون الخارجية عادل الجبير عندما يكرر أن النظام الإيراني يجب أن يقرر ما إذا كان يريد أن يكون دولة أو ثورة، لأن تصرفات وعقلية النظام الإيراني أبعد ما تكون عن سلوك الدول.
في بداية ثورته المشؤومة في نهاية السبعينات اقتحم أنصار النظام الإيراني السفارة الأميركية في طهران واحتجزوا 52 أميركيا من السفارة كرهائن لحوالي 444 يوماً، وهو تصرف يعد من أسلوب العصابات.
مرت السنين وادعى بعض الأوروبيين أن النظام الإيراني نضج، لكن الأفعال تثبت أنه بقي على عادته، واقتحم السفارة السعودية في 1987 وتم الاعتداء الوحشي على أعضاء السفارة والقنصل النزهة، ورجع الأوروبيون كالعادة للاعتذار وأن النظام تعلم من الماضي، ونسوا أو تناسوا المثل الإنجليزي الشهير «الفهد أبداً لا يغير تنقيط جلده»، وإن كان النظام الإيراني الحالي أقرب ما يكون إلى «ضبع غدار» لا يستطيع تغيير تنقيط جلده، والعرب يقولون «أبو طبيع ما يغير طبعه».
وجاءت أحداث 2016 واقتحام القنصلية السعودية في إيران لتنفي كل ادعاءات إعادة تأهيل النظام الإيراني!، والحادثة الأخيرة قبل أيام في بغداد تثبت مرة بعد مرة وتؤكد على طبع النظام الإيراني بتآمر من عملائه في العراق.
استغرب من بعض القنوات والإعلام أن يذكر أن متظاهرين قاموا بمهاجمة السفارة الأميركية، بينما هم ميليشيا عسكرية مدربة مع زعمائها ولكن بلباس مدني! واقتحمت المنطقة بتواطؤ حراس المنطقة الخضراء.
الغريب أن بعض الأوروبيين ما يزال يعاني من متلازمة ستوكهولم إلى الآن، فرغم تفجيرات إيران واغتيالاتها ومؤامراتها وتجسسها وفضائحها إلا أنهم ما زالوا يدافعون عنها، رغم أن تصرفها انتهاك صارخ للمعاهدات الدولية باقتحام حرمة السفارات وكمثال، كتب السفير الفرنسي السابق في أميركا جيرارد أرود تغريدة صعب أن تخرج من إنسان عاقل فما بالك بدبلوماسي، وتبدو لمن يقرأها أنه يدافع فيها عن تصرف النظام الإيراني بالهجوم على السفارة الأميركية، ونسي كل المعاهدات الدبلوماسية بين الدول وحصانة السفارات، إذ قال «إذا كنت تشن حربا فعلية ضد بلد ما من خلال العقوبات، فيجب أن تتوقع أن يرد الطرف الآخر بوسائله الخاصة.. لقد فعلت إيران ذلك في الخليج وفعلت ذلك في العراق، السبيل الوحيد لوقف هذا التصعيد هو المسار الدبلوماسي»، كما اقترح ماكرون «أي سياسة التنازلات والاسترضاء لإيران!».
يبدو أننا خلصنا من ترهات وتنازلات الملا موغيريني والآن جاء منبطحون أوروبيون آخرون.
إيران تخطف وتسجن بعض الفرنسيين مثل الرهينة الأكاديمية فاريبا عادلخواه، وهذا الرجل يريد زيادة انبطاح!.. بعض الأوروبيين ينطبق عليه المثل (حافظ مش فاهم) أي شيء تسأله يقول مفاوضات حتى لو النظام يغتصب أحد ضحاياه، كأنه يريد مفاوضات وتنازلات بين الجلاد والمغتصب والضحية!.. لقد وصلنا حاليا إلى مرحلة الاتحاد الأوروبي لجمهوريات الموز!.
على الرغم من أن الأوروبيين لا تعجبهم قفشات ترمب، لكن الواقع يقول إنه لولا أميركا لكان الجنود الروس الآن يتمشون في وسط أوروبا، ولكن بعض الأوروبيين يقول «دعونا نتفاوض!».. وفعلا أحسنت بريطانيا الخروج من عباءة هذا الرجل المريض الأوروبي، وتخلصت سابقا من تشامبرلين الذي انبطح لهتلر، لكن يبدو أنه هناك ما زال كثير من الأوروبيين التشامبرليين المنبطحين للملالي!.
إيران لا تعرف إلا لغة القوة ولغة التهديد، وعلى الأميركيين إذا أرادوا ألا يعاد السيناريو لانتهاك سفاراتهم أن يعاقبوا إيران ويعاقبوا أدواتها بشدة وخصوصا (رابطة العملاء الأربعة في بغداد)، الذين وضع صورهم وزير الخارجية الأميركي.