مكنت التعديلات الأخيرة التي دمجت «هيئة الرقابة والتحقيق» و«المباحث الإدارية» و«الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد» في هيئة واحدة تحت مسمى «الهيئة العامة لمكافحة الفساد» هذه الأخيرة من محاربة الفساد بكافة أشكاله، بما فيه «الفساد الخفي» الذي يبدو في ظاهره تصرفا قانونيا، لكنه ينطوي على حالة فساد تستحق الملاحقة والعقاب، وكذلك متابعة الفساد المستعصي.

وكشف القاضي السابق في ديوان المظالم، المستشار القانوني الدكتور محمد الجذلاني لـ«الوطن» أنه من الثابت أن «توجه الدولة إلى إقرار التعديلات النظامية ليس المقصود به فقط مجرد تنظيم الإجراءات أو الأهداف الشكلية، وإنما يستهدف في الأصل زيادة فاعلية الجهة المعنية بمكافحة الفساد وتهيئتها مادياً وإجرائياً ووظيفياً، لتمارس دوراً أكبر وأقوى وأكثر فاعلية في محاربة الفساد بشكل عام، وصور الفساد الخفية والمستعصية بشكل خاص، وهذا بلا شك سيحد من الفساد بشكل كلي».

تجارب سابقة

أضاف الجذلاني «جاءت التنظيمات الأخيرة بعد دراسات ورصد للتجارب السابقة لأداء الأجهزة المعنية بمحاربة الفساد، وما مرت به من تغيرات، وما سُجل عليها من ملاحظات، لتخرج لنا من ذلك تنظيمات جديدة تتميز بكثير من الإيجابيات الواضحة التي تجعلنا متفائلين بأنها ستؤتي ثمارها، وتحقق الأهداف المرسومة لها في محاربة الفساد مع الالتزام الكامل بأحكام القانون ومشروعية الإجراءات وتحري الدقة والبحث عن الحقيقة لا البحث عن الجريمة فقط».

عقود قانونية

بيّن الجذلاني أن من صور الفساد الخفية ما يمارس تحت غطاء عقود قانونية تظهر في شكلها بأنها تصرفات قانونية وهي خلاف ذلك، ومن صوره أيضاً استخدام النفوذ الخفي لبعض النافذين من مسؤولين للانتفاع بوظائفهم والتربح من ورائها وتحقيق مصالحهم الشخصية مستغلين نفوذهم وسلطتهم وما منح لهم من ثقة، معتقدين أن ذلك يمنحهم حصانة تحميهم من المساءلة والعقاب.

القسم الوظيفي

ترسخ التنظيمات الجديدة ثقافة الحفاظ على الأمانة، فشاغلوا وظائف الهيئة الجديدة ملزمون بتأدية القسم الوظيفي، وتقديم إقرارات الذمة المالية بشكل دوري، مما يعكس ثقل الأمانة الموكلة لهم من قبل القيادة، كما منحت التنظيمات الجديدة الهيئة سلطة الإيقاف على ذمة التحقيق ورفع الحصانة عن ملاحقة أي موظف ومسؤول مهما كانت درجته الوظيفية مدنياً كان أم عسكريا. كما تتضمن التنظيمات الجديدة توسيع صلاحيات الهيئة العامة لمكافحة الفساد في تتبع القضايا في الشركات والمؤسسات، وهو ما يعكس حرص الدولة على معالجة الفساد بشمولية ومن كافة جوانبه، سواء صدر من أفراد سعوديين أو مقيميين، مدنيين أو عسكريين، أو كان مصدره من مؤسسات القطاع الخاص.