في آخر كل عام تتسابق عدد من القنوات الفضائية لاستضافة قراء (الطالع والمستقبل) لتحقيق مكاسب مادية، تقابلها اتهامات ناشطين ومثقفين لها بنشر ثقافة التسطيح والخرافة والعمل على تأصيلها في الفكر العربي.

ولم يتوقف الأمر على القنوات، بل تخطى وجودهم عبر الحسابات التي نشطت متابعتها خلال آخر العام، ثم لتطبيقات على الأجهزة الذكية.

عقوبة جنائية

أكد المحامي والمستشار القانوني خالد العمري أن التربح من أعمال التنجيم يعد جريمة، وتصنف تحت «التكسب غير المشروع». وإن قدم التنجيم دون مقابل فإنه يجرم إذا ترتب على تمرير معلومات تفضي إلى مضرة، بسبب معلومات استقيت من المنجم للمتنبأ له أو لغيره أو رسخ مفاهيمه تحت ذريعة أنه يعلم ما تخفيه الأيام لتحقق له ما يتطلع إليه من آمال، فتعد تحت جريمة الشعوذة والدجل. تابع العمري «يعاقب بعقوبة السجن وتدخل في نطاق الجرائم كل أعمال التنجيم من قراءة الطالع والأبراج والكف والفنجان، وممارسة أساليب احتيالية للحصول على الأموال».

التثقيف المجتمعي

شدد الناشط الاجتماعي صالح الحسيني على ضرورة تكاتف المثقفين للقضاء على التنجيم الذي انتشر في قنوات الإعلام الجديد، وأصبح المنجمون يعرضون خدماتهم واستشاراتهم عبر مواقع على الشبكة العالمية والتطبيقات، مشيرا إلى أن دورهم تنويري، لأن الأمر وصل لمعتقدات أفسدت حياة بعض الناس، في ظل قصور من أصحاب الفكر والقرار لمحاربة هذه «الخرافة».

وأضاف «من يعايش الجهات المعنية بالفصل في خلافات الأحوال الشخصية يعلم خطورة ما يسمى بـ(قراء الطالع والمستقبل) ومنها قيام عدد من السيدات بتعليق مشاكلهم مع أزواجهم بسبب عدم توافق الأبراج، وأخرى تأجل النظر في زواجها، لأن طالعها الذي كشفته أنبأها أن حظها في هذا العام متعثر، وثالثة تلزم مخطوبها بكشف برجه لتضمن التوافق بينهما، وتطالب أن يكون ضمن استمارة فحص الزواج تحديد أبراج المقبلين على الزواج وعدم إتمام زواج غير المتوافقين فلكياً، ورابعة تجزم بعدم انتهاء خلافاتها الأسرية كون المشكلة في عدم توافق الأبراج مع زوجها.

العدد المثالي

دفع توافق أرقام السنة الجديدة (2020) حرص الكثير من المهتمين بالتنجيم للاستعانة بالمنجمين لمعرفة مستقبلهم، حيث يزيد قناعتهم بجدوى قراءة الطالع والمستقبل تماثل وتشابه أرقام السنة الجديدة، ومثلها التي تأتي آخر كل عقد زمني وهو ما توفر في العام الجديد باعتباره أكثر انكشافا للمتنبئين بالمستقبل، وهو اعتقاد سائد انتشر في أوساط العامة تلقوه من العاملين والمتربحين من هذا الفن، دفع الكثير للحرص لقراءة برجه والاطمئنان على مستقبله معتبرين أن عام 2000 كان أكثر انكشافا للمنجمين بسبب تميز وتماثل أرقامه.

ملامح ضعف

أوضحت أستاذة علوم الاجتماع أسماء المغذوي أن اللجوء إلى الخرافات يكون في الغالب لخلق حال أحسن مما عليه الإنسان، وهي إشارة إلى ملامح الضعف والاهتزاز في شخصية من يتعاطون علم التنجيم، كونهم يقبلون على الأمور الغيبية بدافع أنه يمنحهم شعورا بالراحة النفسية، كما يلجأ المتعاملون مع هذا الفن غالباً لرغبتهم بإلقاء همومهم على عاتق القدر.

أول مرصد للمنجمين

ذكر الباحث محمد العلاوي أن التنجيم علم قديم اشتق من علم الفلك الذي كان الملوك يهتمون به لمعرفة الأحوال المناخية ثم حرص عليه التجار والأثرياء الذين يهتدون به على طريق تجارتهم ويلتمسون من الاهتمام بهذا العلم سلامة أموالهم (تجارتهم) من اختصار طريق قوافلهم التجارية وتجنب التقلبات المناخية واستمر هذا العلم وخالطته الخرافة حتى اختفى في صدر الإسلام ليظهر في زمن الدولة العباسية بسبب انفتاحها على الحضارات الأخرى، فاهتموا به وانتشر المنجمون في عهدهم حتى أصبح المنجمون ملازمين للخلفاء والوزراء بل أصبحوا كتاباً ووزراء وضعت لهم مراصد فلكية على جبل قاسيون، وأصبح المنجمون موظفين في الدولة يتقاضون الأعطيات وأكثر من اهتم بعلم التنجيم هم التجار لمعرفة طرق تجارتهم والسير ليلاً والخلفاء الذين يتطلعون لكشف أسرار ملكهم من بعدهم.

علم التنجيم: مجموعة من التقاليد، والاعتقادات حول الأوضاع النسبية للأجرام السماوية والتفاصيل التي يمكن أن توفر معلومات عن الشخصية، والشؤون الإنسانية، وغيرها من الأمور الدنيوية

-يسمى من يعمل فيه بالمنجم

-يعتبر العلماء أن التنجيم من العلوم الزائفة أو الخرافات

-عام 2000 كان أكثر انكشافا للمنجمين بسبب تميز وتماثل أرقامه

-التربح من أعمال التنجيم يعد جريمة تصنف تحت «التكسب غير المشروع»

-اللجوء إلى الخرافات إشارة لملامح الضعف والاهتزاز

-تقدم العديد من المطاعم والمقاهي خدمات قراءة الطالع والمستقبل لزوارها عن طريق الأبراج