مفهوم يبعث الإحباط واليأس والجانب السلبي، لكن من هم الفاشلون؟ وهل يشعرون أنهم فاشلون؟ أم أن الفشل لا يراه ويشعر به إلا من حولهم ويكون في جزء من حياة الشخص وليس كل حياته؟، كثير من الباحثين والدارسين لهذا المفهوم وضعوا معايير لتصنيف الفشل والفاشلين، على الرغم من أن بعض هذا التصنيفات -في اعتقادي- غير ناضجة، والسبب أن بعض من أطلق عليهم فاشلون ويحملون بعض هذه الصفات، أصبحوا ملهمين لكثير من الناس، نذكر منهم والت ديزني، حيث يعتبر واحدا من أنجح الناس الذين فشلوا في البداية، فقد بدأ مشوار حياته بتأسيس بعض الأعمال التجارية التي باءت بالفشل، مما جعله عرضة للإفلاس، ولكنّ تغييرا بسيطا قام به غيّر مجرى حياته بعد رسمه الشخصيات الكرتونية المشهورة والتي عرفت مقترنة باسمه، أيضا ستيف جوبز: أحد أشهر رجال الأعمال، تخلي عنه أبواه، وعاش مع عائلة بالتبني، ولكنه ظل يعمل حتى بدأ شركته من كراج، وبعدما نجحت شركة «أبل» طرد منها، ولكنه عاد لينقذها من الخسائر ليجعلها رقما صعبا في العالم في مجال تكنولوجيا المعلومات، فهذا الرجل -حسب تصنيف بعض الدراسات- يحمل صفات مشتركة مع الفاشلين، وهذا ما ذكرته ابنته ليزا برينان «حقائق صادمة» عن ستيف جوبز، والقائمة تطول بمثل هؤلاء الذين فشلوا ثم نجحوا في بعض تفاصيل حياتهم، ولكن الجانب الآخر للذين نجحوا في بعض أعمالهم هو أنه عندما فشلوا حاولوا وسعوا إلى أهدافهم، وحاربوا من أجلها، فالناجحون يقبلون على التغيير، ويؤمنون أنه السلاح الوحيد لتحقيق الهدف، ولا يخافون منه، رغم أنه من أصعب القرارات التي يتم العمل عليها في حياتهم، فلا أحد يغامر بالتغيير ويعرف النتيجة، فلا يمكن لشخص أن ينتقل من مستنقع الفشل إلى روضة النجاح إلا بعنصر التغيير، والتغير والسعي، ولكن يرتبط هذا الأمر بتحديد الهدف البعيد، فالفاشلون تكون أهدافهم صناعة القصة ذات الفصل الواحد، يكون هو البطل الورقي الذي لا يتجاوز إنجازه الانتقاد والتقليل من جهود الآخرين والحكم عليهم بالفشل، ويكون لسان حاله بعد إنجاز أي عمل وماذا بعد؟ وماذا استفدت؟ فالفاشلون ناجحون في صناعة الإحباط واليأس للآخرين، فاشلون في إسعاد أنفسهم بالتمني، على الرغم من أن الفاشلين يملكون أدوات النجاح أو يستطيعون امتلاكها، لكن لا يستخدمونها بشكلها الحقيقي، وهذا يقودنا لتأكيد أن الفشل لا يمكن إطلاقه على كل شخص، فالذين لا يملكون أدوات النجاح أو لا يستطيعون صناعتها، لا يمكن أن نطلق عليهم فاشلين، وهذا سر اختلافنا حول بعض تصنيفات الدراسات والأبحاث التي لم تحدد طبيعة الفاشلين. الفاشلون تجد الخوف يسيطر عليهم بشكل كلي، فالفاشل دائم الهروب من مواجهة مخاوفه، لا يريد مناقشة مشاكله لوضع الحلول لها لعجزه وخوفه أن يراه الآخرون في خطأ، بل تجده يناقش مشاكل الآخرين حتى يلوم الآخرين لتعثرهم، وليس لتقديم الحلول، وعند تقديم النصيحة له تنقلب الأمور لعداء شخصي طويل الأمد، فعقلية تصيد الأخطاء بدلا عن تقديم الحلول هو الأسلوب الذي يتبناه، والعقلية التي يحملها. أيضا الناجحون يؤمنون بأنفسهم، ولهم أنفس تواقة، تتوق لكل شيء عال، ولعل قصة الخلفية عمر بن عبدالعزيز عندما قال (إنّ لي نفسا تواقة، وما حققت شيئا إلا تاقت لما هو أعلى منه، تاقت نفسي إلى الزواج من ابنة عمي فاطمة بنت عبدالملك فتزوجتها. ثم تاقت نفسي إلى الإمارة فوليتها، وتاقت نفسي إلى الخلافة فنلتها، والآن يا رجاء تاقت نفسي إلى الجنة. فأرجو أن أكون من أهلها). هذه إستراتيجية الناجحين الذين لا يكِلّون، وتجد أن ثقتهم بأنفسهم وإمكاناتهم عالية، ويسعون إلى تطوير أنفسهم من خلال القصور الذي يجدونه لديهم، بعكس الفاشلين الذين لا يحبون النهوض، وثقتهم بأنفسهم غير موجودة ويهربون من مواجهة الأحداث التي تبرهن على ضعف ثقتهم بأنفسهم. الفشل يعتبر حالة جزئية قد تصاحب بعض محطات حياة الإنسان، ولكن عندما تسيطر على كل حياته، وهو يمتلك أدوات تغييرها، نستطيع أن نطلق عليه فاشلا.