باشرت الدول الأوروبية الأطراف في الاتفاق النووي (فرنسا وبريطانيا وألمانيا) آلية تسوية للخلافات ينص عليها الاتفاق، بهدف إلزام طهران بالعودة إلى احترام تعهداتها، وفق ما أعلن وزراء خارجية الدول الثلاث في بيان مشترك، وقال الوزراء إن "دولنا الثلاث لا تنضمّ إلى الحملة الهادفة إلى ممارسة ضغوط قصوى على إيران" ملمحين بذلك إلى عدم رغبتهم في اتباع سياسة العقوبات التي تنتهجها الولايات المتحدة، وقد يؤدي إطلاق آلية تسوية الخلافات التي هددت بها باريس منذ أسابيع عدة، في نهاية المطاف إلى فرض عقوبات من جانب الأمم المتحدة. إلا أن الأوروبيين لا يريدون "تسريع الانتقال" إلى عقوبات إنما ممارسة ضغوط على إيران لإنقاذ الاتفاق المبرم عام 2015 والذي يحدّ من برنامج إيران النووي، كما ذكرت مصادر في باريس.

وقال وزراء الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان والألماني هايكو ماس والبريطاني دومينيك راب "نعمل بنيّة حسنة والهدف الأساسي هو الحفاظ على الاتفاق مع أمل صادق بالتوصل إلى حلّ للخروج من المأزق بواسطة الحوار الدبلوماسي البناء، مع البقاء في إطاره"، وأضافوا "نأمل في إعادة إيران إلى الاحترام الكامل لتعهداتها بموجب الاتفاق".

وفي الـ 5 من يناير، كشفت طهران عن "المرحلة الخامسة والأخيرة" من برنامجها القاضي بالتخلي عن التزاماتها الدولية بشأن النووي، رداً على انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق عام 2008 وإعادة فرض عقوبات أميركية قاسية تخنق الاقتصاد الإيراني، وأكدت إيران أنها لم تعد تشعر بأنها ملزمة احترام القيود المتعلّقة "بعدد أجهزة الطرد المركزي" المستخدمة في انتاج الوقود النووي.

مخاوف أوروبية

وتابع الأوروبيون "ليس لدينا خيار آخر، نظراً للتدابير المتخذة من جانب إيران، سوى التعبير اليوم عن مخاوفنا حيال واقع أن إيران لا تحترم تعهداتها بموجب الاتفاق النووي واللجوء إلى اللجنة المشتركة في إطار آلية تسوية الخلافات"، وكرروا تمسكهم بالنصّ رافضين دعوة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب إلى الانسحاب من الاتفاق. وبالإضافة إلى الدول الأوروبية الثلاث، روسيا والصين هما دولتان مشاركتان في الاتفاق.

وقالت باريس ولندن وبرلين "لا نزال مقتنعين بأن هذا الاتفاق التاريخي ومساهمته في مجال منع انتشار الأسلحة، يخدمان مصالحنا الأمنية المشتركة ويعززان النظام الدولي المبني على قواعد"، وأعرب الأوروبيون عن خشيتهم من ألا يؤدي فض الاتفاق بالكامل سوى إلى إضافة "أزمة انتشار أسلحة نووية على التصعيد الذي يهدد المنطقة بأسرها".

الاتفاق النووي مهمّ

ودعا وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل المكلّف الإشراف على آلية تسوية النزاعات المنصوص عليها في الاتفاق النووي الإيراني، كل الدول المشاركة في الاتفاق بينها إيران، إلى الحفاظ على الاتفاق، وأكد بوريل في بيان أن الحفاظ على الاتفاق المبرم عام 2015 "مهمّ اليوم أكثر من أي وقت مضى".

وأضاف أن "آلية تسوية الخلافات (التي باشرها الأوروبيون) تتطلب جهوداً مكثفة ونية حسنة من جانب الجميع. بصفتي منسق، أنتظر من الأطراف المشاركة في الاتفاق أن تتناول الآلية بهذه الذهنية".

وأوضح أن "هدف آلية تسوية الخلافات ليست إعادة فرض عقوبات بل حل القضايا المرتبطة بتطبيق الاتفاق في إطار اللجنة المشتركة"، وتابع أن خطة العمل المشتركة الشاملة (جي سي بي أو ايه)، أي الاتفاق النووي "هي إنجاز مهم لعمل دبلوماسي متعدد الأطراف وأبرمت بعد مفاوضات استغرقت سنوات".

لكن رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون أعرب الثلاثاء عن استعداده لاستبدال الاتفاق النووي المبرم عام 2015 بنصّ آخر جديد يريده دونالد ترامب، معتبراً أن الرئيس الأميركي "مفاوض ممتاز".

ويلزم الاتفاق طهران بسلسلة نقاط يمكن أن يؤدي انتهاكها إلى إعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي.

إيران تحذر الأوروبيين

من جهة أخرى حذرت إيران برلين ولندن وباريس من "عواقب قرارها" إطلاق آلية تسوية للخلافات ينصّ عليها الاتفاق النووي المبرم عام 2015، وقالت الخارجية الإيرانية في بيان "بالطبع، إذا حاول الأوروبيون إساءة استخدام (هذه الآلية)، فعليهم أن يكونوا أيضاً مستعدين لتحمل العواقب، التي سبق أن قمنا بإخطارهم بها".