تعددت الأعمال الإنسانية التي قام بها الأمير تركي بن طلال بن عبدالعزيز في منطقة عسير، فالأمير تركي بن طلال، قبل أن يكون أميرا لعسير، سِجِلّه حافل بالأعمال الإنسانية، التي كان يقوم بها في مجالات مختلفة، شملت حالات لم يكن يعلم بها حتى أقرب الناس إليه. وسنورد جزءا يسيرا من جوانب القصص الإنسانية، خلال العام الماضي، فيما تحتفظ «الوطن» بكثير من الحالات والمواقف الإنسانية.

مقذوف حوثي يفقد مها التليدي عينها

مها التليدي، طفلة لم تتجاوز السنة ونصف السنة، كانت تجلس في حضن والدها وترافقه في سيارته في طريقهما إلى السوق المجاور للمنزل، لتسقط قذيفة الغدر والخيانة الحوثية على أحد المواقع القريبة منهم، وتصيب مركبتهم، وتطال إحدى الشظايا عين مها اليسرى فتفقدها البصر.

يقول والدها محمد التليدي لـ«الوطن»: سقط المقذوف الحوثي على مقربة منا وهشّم سيارتي وأصاب عين ابنتي وأفقدها البصر، بينما كانت في حضني وعمرها في حينه لم يتجاوز العام ونصف العام، وتحديدا في 1436.

وأضاف والد مها، نُقِلت ابنتي إلى مستشفى عسير، وبعد ذلك إلى الرياض، وتمت المراجعات والمواعيد التي توقفت وانقطعت فجأة.

تكفل بالعلاج

يضيف والد الطفلة التليدي، كان الأمير تركي بن طلال، في زيارة لمركز كحلا مستقبلا المواطنين، والتقيته وعرضت عليه موضوع مها، وطلبت إكمال علاجها، وإن أمكن علاجها خارج المملكة وقال الأمير حينها: علاجها موجود في المملكة، وإذا استدعى الأمر السفر إلى الخارج فأبشر.

وعلى الفور، وجّه بإنهاء أمر طلبنا، وأخذَنا معه في الليلة ذاتها في طائرته الخاصة إلى الرياض، ولم يكتف بذلك بل وجّه بتوفير السكن الخاص لنا، وكل الخدمات الأخرى، والتي تشمل الطعام والتنقل من وإلى المستشفى وغيره.

قابلنا في اليوم التالي وزير الصحة، بمكتبه في الوزارة، كان يرافقنا موظفين من المكتب الخاص للأمير تركي بن طلال، بعد ذلك توجّهنا إلى المستشفى، وأجريت فحوص طبية كاملة ومختلفة لابنتي مها، وقال والد الطفلة إن ابنتي منحها الأمير تركي اهتماما كبيرا وحضورا لكل مناسبات المنطقة، ونحن مهما نقول فلن نوفي الرجل قدره وحقه. حتى هذه اللحظة نذهب في مواعيدنا بالرياض، كل التكاليف على نفقته، من طيران وإقامة ونقل وغيرها.

في الحقيقة، إن هذا الموقف الإنساني العظيم للأمير تركي لن ننساه أبدا، وسيبقى خالدا في قلوبنا وعقولنا، لقد أنقذنا جميعا وأعاد الأمل إلى مها، وحاليا هي تدرس في الصف الأول الابتدائي.

وتحدثت الطفلة مها لـ«الوطن» قائلة: «أنا طيبة الآن، والحمد لله، والله إنني أحب الأمير تركي مثل أبي، هو أبي، لقد وقف معي وساعدني، الله يوفقه».

حضور المناسبات

وجّه الأمير تركي بن طلال بأن تكون الطفلة مها موجودة في كل اجتماع بالمنطقة، وهو الأمر الذي حدث بالفعل، وفي إحدى المناسبات بمدينة أبها، حيث كانت مها موجودة بين الحضور، ولمحها من موقعه في منصة الاحتفال أثناء الاجتماع الثاني مع نواب الوزراء في قصر أبها، وسأل قائلا: «هذي مها التليدي»، وعند وصولها إلى موقعه احتضنها وأجسلها ثم قال «هذي مها التليدي من قبلية آل تليد، القبيلة العريقة من قبائل خولان العربية، أصابتها يد الحوثي الظالمة في قرية الربوعة جنوب المملكة ولكنها، في طريقها للشفاء، ولا يوجد اجتماع في منطقة عسير يتعلق بمستقبلها إلا وتحضره»، ثم قام بعد ذلك وبقلب الوالد وحنان الأب، وبمشاعر صادقة ودافئة وأبوية، بتقبيلها.

اطمئنان على المرضى ومتابعة مغاوي على السرير الأبيض

عبدالرحمن مغاوي، شاب مصاب بالشلل يرقد على السرير الأبيض في مستشفى عسير المركزي، لم يكن يعلم أو يدرك أن زيارة رجل من خارج زواره المألوفين ستكون لأمير منطقة عسير الأمير تركي بن طلال بن عبدالعزيز، ضمن جولاته الدائمة واطمئنانه على المرضى.

كان عبدالرحمن -كالمعتاد- جالسا على سريره، وإذا بالأمير يرد التحية ويسأله عن وضعه الصحي، ويطمئن عل مستوى الخدمات، وقبل المغادرة قدم الأمير رقم جواله الخاص للشاب مغاوي لأي احتياج يرغبه.

تواصل هاتفي

يقول عادل مغاوي والد عبدالرحمن: خلال 6 سنوات كنت أبحث عن وسيلة لنقل ابني المقعد عبدالرحمن إلى أحد مستشفيات العاصمة أو أحد المستشفيات خارج المملكة، ولم يتحقق ذلك، وذات يوم كنت جوار ابني وأبلغته برغبتي في نقله للعلاج، ولكن لم تتهيأ الفرصة، إلا أنه قال لي عندي رقم الأمير تركي بن طلال الذي أبلغني «أي شيء تحتاجه اتصل بي»، قمنا بالفعل بكتابة رسالة واتساب، وإرسالها للأمير وعلى الفور وصل الرد، حدد أي وقت تبغاه، واتصل الأمير بابني عبدالرحمن وقال له بكرة الساعة الرابعة عصرا سأكون عندك في المستشفى.

التزام بالموعد

يضيف مغاوي: في اللحظة التي دخلت فيها مستشفى عسير محاولا إبلاغ ابني بتأخر الأمير تركي عن زيارته، إلا أن ابني عبدالرحمن بادرني بالقول، إن الأمير تركي كلّمه قبل دقائق وأبلغه بأنه على الموعد، وسيتأخر قرابة الساعة، ثم عاود الاتصال في الوقت المحدد فعليا لزيارته وقال، كان مفترض أكون عندك الآن، أعتذر على التأخير للوقت الجديد بعد ساعة، وبالفعل اتصل في الوقت الجديد بابني عبدالرحمن وقال له: أنا الآن جوار مستشفى عسير، بضع دقائق وفوجئنا بالأمير يدخل علينا في غرفة عبدالرحمن، وثيابه وغترته مبتلتان بماء المطر.

الأدب الجم

يقول مغاوي: بعد جلوس الأمير ومن معه، ببضع ثوان، استأذن من ابني عبدالرحمن قائلا: تسمح لي عبدالرحمن أقوم بالتصوير، لأنه من الأدب ألا يرفع شخص جواله ويصور دون إذن، كلنا الآن ضيوف عندك، وكان معه مجموعة من الرجال وقال لهم كل شخص يعرف باسمه، بعد ذلك قام بتصوير عبدالرحمن بالفيديو، وقال: إش مطلبك، فقال أريد أتعالج بالخارج، إذا فيه إمكانية.

وأشار مغاوي إلى أنه بعد تصوير المقطع، قال الأمير تركي بن طلال: أرسلت المقطع إلى سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وسيأتيك الرد قريبا، وخلال أقل من نصف ساعة، كلّمني أخي علي مغاوي الذي كان يرافق الأمير حينها، قائلا: وصلت الموافقة حسبما أبلغني الأمير تركي، وبعد نصف ساعة مماثلة يردني اتصال هاتفي من ديوان ولي العهد، يبلّغني بالموافقة ويطلب تزويدهم بمعلومات عن ابني عبدالرحمن.

شراء كرسي على نفقة الأمير

خلال فترة وجيزة سافرنا إلى أميركا لاستكمال العلاج، وهناك حدثت ملابسات، إذ كنا بحاجة إلى كرسي، وتواصلنا مع الجهات المعنية ولم يتم شيء، خاصة أن تكاليف الكرسي تزيد على 45 ألف دولار، ولذا قمنا بالاتصال بالأمير تركي بن طلال، وعرض الأمر على مقامه، وقال لنا: أبدا، سيتم وضع الحلول العاجلة، وبعد دقائق تم إبلاغنا بتوفر السرير المطلوب، والذي قام الأمير تركي بن طلال بشرائه على نفقته الخاصة.

زيارة ألمع

يضيف والد عبدالرحمن مغاوي قائلا: كنت في اليوم التالي المحدد لموعد زيارة الأمير لابني على مقربة من قرية رجال ألمع، وإذا بي أشاهده في زيارة للقرية، وشعرت أن الوقت لن يكفي لزيارة الأمير لابني في مستشفى عسير، حسب الموعد، ولذا ومراعاة لشعور ابني والفرحة التي تغمره بموعد زيارة الأمير له، توجهت مباشرة إلى مستشفى عسير المركزي للبقاء جواره ولأخبره أنني شاهدت الأمير في قرية رجال ألمع، وأعتقد أنه لن يتمكن من زيارتك اليوم، أو قد يزورك في وقت آخر، خاصة والأجواء ممطرة جدا، والعقبات صعبة.

عجوز تهامة

لم يكتف أمير منطقة عسير الأمير تركي بن طلال، بالنظر إلى عرض نائب جماعة آل املك في ثاة أحمد علي آل سلطان إلى حال امرأة عجوز، تسكن في أحد المنازل القديمة بقرية ثاة بني زيد بتهامة عسير، بل قام بالتوجه إليها في سيارته الشخصية، قاطعا عقبات الصماء والشقة والامرار، وصولا إلى منزل العجوز شعبانة سعيد التمامي في منزلها بقرية ثاة، وقال لها: «إذا تجي معي إحنا رتبنا لك مكان بقصر أمير المنطقة»، ورتب لها علاجها وأمورها.

نقل للمستشفى

يقول محمد أحمد الهشولي، جار العجوز وابن المكلفة بالعناية بها، «ذهب النائب أحمد علي آل سلطان إلى مكتب الأمير وشرح له حال العجوز، وإذا به يحضر شخصيا إلى هنا، ولم يكتف بإرسال مندوب أو شخص ينوب عنه، حضر تركي بن طلال شخصيّا قاطعا الجبال والأودية بسيارته الخاصة.

ويضيف الهشولي، وجّه على الفور بنقل العجوز إلى المستشفى، ووصلوا وكانت والدتي معهم والتي تكبر الخالة شعبانة سنّا بأكثر من 5 سنوات، وتم عمل الفحوص الطبية، وفي اليوم التالي إذا بالأمير تركي بن طلال موجود معنا في مستشفى عسير، ويقف على رأس العجوز مطمئنا ومتابعا مع الفريق الطبي عن وضعها وحالها الصحي، ويسأل عنها وعن راحتها.

طب منزلي

يضيف الهشولي، طلبت العجوز شعبانة من الأمير ان تعود إلى منزلها في تهامة، فأجابها الأمير بالموافقة، ولكن في بيتها غير ممكن، لكن تعود مع هذه المرأة»يقصد والدتي»، وسيتم بناء منزل لك وتأثيثه.

وقام الأمير وسلّم على رأس والدتي وشكرها، ووجّه بسيارة لها، كما وجّه بزيارة لها للمتابعة من جانب الإمارة، ومن جانب الطب المنزلي، واشار الهشولي إلى أن العجوز منذ 4 أشهر تقيم معهم في المنزل، وتشرف عليها والدته.

إصرار الأهل

يؤكد الهشولي أن أقارب العجوز قبل فترة قريبة تواصلوا معهم، وطلبوا اصطحابها معهم إلى جازان، وألحوا كثيرا في ذلك، ولكننا رفضنا إلا بعد موافقة مقام الإمارة، لأن أمير المنطقة وجّه، ولا يمكن أن نتخذ أي قرار دون علمه أو موافقته. وبالفعل تم ترتيب لقاء بين إحدى شقيقاتي وبنات العجوز، للقاء أمير المنطقة، وحضرت شقيقتي وغابت بنت العجوز، وتم العرض لسموه بما حدث. وقال الهشولي هذا الموقف لأمير منطقة عسير موقف غير مستغرب.