يلتقي عدد من الوزراء، الإثنين القادم، ومتحدثين وطنيين وعالميين في ملتقى الاستثمار البلدي، الذي يهدف إلى التعريف بدور الاستثمارات البلدية في تحقيق أهداف رؤية المملكة 2030، واستعراض حزمة من الفرص الاستثمارية التي يتم طرحها من الأمانات والبلديات، وتوسيع قاعدة المتنافسين عليها خلال استقطاب استثمارات رأسمالية للإسهام في رفع جودة الحياة في المدن. وتتضمن محاور الملتقى جلسات حوارية، وورش عمل متخصصة، مع نخبة من المتحدثين في دور الاستثمارات البلدية في تنمية المدن، كما سيصاحب الملتقى معرض تشارك به الوزارة وجميع أمانات المملكة وبلدياتها التابعة، والجهات الحكومية المنظمة والصناديق التمويلية الممكنة، وشركاء القطاع البلدي. وبهذه المناسبة، يسرني أن أرسل ثلاث رسائل سريعة ومختصرة إلى وزير الشؤون البلدية والقروية، والمهتمين بموضوع هذا الملتقى المميز:

الأولى: من الواضح أن الأمانات والبلديات مقبلة على تحول من الاعتماد على دعم الدولة المالي لمشاريع ونفقات الأمانات والبلديات، إلى الاستقلالية والتمويل الذاتي الناتج من الاستثمار الأمثل لأملاك ومنافع الأمانات والبلديات، وإن لم يكن هذا التحول بشكل كامل، فلا شك أنه سيأتي جزئيا ومتدرجا، خلال فترة زمنية غير معلنة قد تطول أو تقصر. ولتعزيز نجاح هذا التوجه، لا بد من وضع أنظمة وبرامج وآليات واضحة لتفعيل هذا التوجه، ولا بد أن تهيئ بيئة هذا التغيير، وأن يبنى له بنية تحتية تحقق أهدافه، كما يجب أن تستقل عن الهيكل التنظيمي الحالي والأنظمة الحالية، بنظام محوكم شفاف، وذي رقابة عالية يعظم العائد ويسمح بمرونة عالية.

الرسالة الثانية: بين مقارنة تكاليف وميزانيات المشاريع العملاقة التي تقوم بها وزارة الشؤون البلدية والقروية حاليا، وبين توجهها للاستثمار وتعزيز دخل للأمانات والبلدية، نجد أن البون شاسع وكبير، وقد يستحيل تفعيل مثل هذا التوجه في ظل الممارسات الحالية للإنفاق، وعليه فإنه من الأحرى والأهم أن تخضع هذه المشاريع للتقييم وتقليل التكاليف ودراسة الجدوى، والحاجة إلى تلك المشاريع وتحديد الأولويات، كذلك وضع آليات لزيادة كفاءة الإنفاق، وهنا قد تسهم الوزارة في تقليل الفجوة بين ميزانيات الأمانات والبلديات الحالية، ومتطلبات مشاريع التطوير المستقبلية، بحيث تتبنى الأمانات والبلديات مفهوم ترشيد الصرف والإنفاق، وتقترب من إمكانية الاكتفاء في المستقبل إلى نقطة إلتقاء بين العوائد على الاستثمار، والحاجة المستقبلية لتمويل المشاريع وأعمال الصيانة.

الرسالة الثالثة: الواقع يشهد أن تعظيم دخل الأمانات والبلدية من الاستثمار ليس في دائرة الأهتمام والأولويات، وما زالت وقائع وأحداث تدل على عدم الاهتمام بهذا الجانب واضحة، ولدي عدد من الأدلة التي ليس من الفائدة ذكرها وطرحها هنا، بقدر الإشارة إليها نتيجة مجملة، ومهما اختلفنا في حقيقة هذا الانطباع، إلا أنه يجب أن يبدأ المشوار بخطوة جريئة، ولعلي أنقل تجربة إحدى الشركات الرائدة في تفعيل التوجهات الإستراتيجية، وهي أن تبدأ بما يسمى مشروع تجريبي Pilot Project، وفي هذا المشروع يمكن التعرف على الفرص والمشكلات والعوائق التي تقف عثرة أمام مثل هذا التوجه، وأخذ التغذية الراجعة لبناء الأنظمة واللوائح، وأخذ القرارات المناسبة لتفعيل هذا التوجه الإستراتيجي.

* الدكتور سليمان بن عبدالله المهنا

استشاري هندسي