بعد وفاتها منذ أقل من عام ظهر اسم مروعية بنت عليان بن عوض آل مسلمة الكودري كأول امرأة في منطقة عسير مارست حقها في قيادة السيارة، وذلك قبل 50 عاما. توفيت مروعية في مرحلة حصلت فيها النساء بالمملكة على حق قيادة السيارة، وتردد اسمها في المجالس بعد وفاتها لتثبت أنها امتلكت الطموح والثقة والقدرة معا في آن واحد؛ وتلك الصفات عندما تتوفر في امراة قبل قرابة 50 عاما، خصوصا وهي في مقتبل العمر، فإن ذلك يعني دون أي مجال للشك أنها شقت طريقها لرأس الهرم بكل نجاح واقتدار ووضعت لها مكانا رفيعا وموقعا عظيما.

ندرة الاسم

يعتقد البعض أن هذا الاسم لقب أو رمز لاسم آخر لمروعية بينما الحقيقة أنه اسمها الفعلي، وهذا الاسم عرف على نطاق واسع في مدينة أبها ومنطقة عسير خصوصا في التسعينات الهجرية. يقول أحد أقاربها لـ«الوطن» إن البعض يتساءل عن اسم مروعية وهل هو مجرد لقب أو كنية أم هو اسمها الحقيقي. في الحقيقة إنه الاسم الحقيقي لها رحمها الله، أما عن سبب التسمية فلأنها سميت بتلك المراة التي كانت حاضنة لها وقت ولادتها، وبذلك أطلق هذا الاسم «مروعية» عليها كوفاء لتلك المرأة.

ثقة والدها

أضاف قريب مروعية أن والدها عليان بن عوض آل مسلمة الكودري منح الثقة المطلقة لابنته المروعية في وقت مبكر، حينما لاحظ عليها كل علامات النجابة والحكمة والصدق والجدية والصرامة، إضافة إلى إدراك المسؤولية، وكل تلك المؤثرات اكتسبتها من والدها، الذي تأثرت به تأثرا كبيرا نظرا لقربها وملاصقتها التامة له منذ طفولتها المبكرة.

الرأي السديد

يشير قريب مروعية إلى أنها كانت ذات رأي سديد وكلمة مسموعة، وكان والدها يحترم رأيها ويستمع إليها ويثق في وجهة نظرها، وسداد رأيها، وكان في الكثير من الأمور يستشيرها ويعمل ببعض ما تشير به، خصوصا أن آراءها كانت تحقق الغاية المأمولة والهدف المقصود.

قيادة السيارة

عرف المجتمع العسيري مروعية من خلال قيادتها السيارة قبل قرابة 50 عاما، وتحديدا عند قيادتها للسيارة في عام 1390هـ لتكون أول امرأة تقود السيارة في منطقة عسير، وفوجئ المجتمع آنذاك بظهور امرأة تقود السيارة، وتقوم بقضاء احتياجات أهلها وأسرتها وحاجاتها، وتتنقل من مكان لآخر. وأصبحت محل اهتمام المجتمع وحديث المجالس، وأشغلت الجميع ورغم علامات الاستغراب، إلا أنها كنت محل إعجاب واحترام الكثير.

ويقول أحد المعاصرين لتلك الفترة إنها المروعية تعلمت قيادة السيارة من والدها وهي في سن 14 عاما تقريبا، واستطاعت أن تقود السيارة بكل اقتدار، ولم تتعرض أو تكون طرفا لأي حادث مروري مدى حياتها.

رحلة الرياض البرية

سجلت مروعية في قاموس قيادة المرأة للسيارة في السعودية أولوية لم يسبقها إليها أحد، حين قطعت أكثر من 1000 كلم، مسافرة في أطول رحلة برية من منطقة عسير إلى منطقة الرياض، وكأول رحلة سفر خارج منطقة عسير وللمرة الأولى بالسيارة إلى منطقة الرياض بصحبة والدها، حينما كانت الطرق غير معبدة، وكانت تعتمد في مسيرها ليلا على النجوم لكي تسترشد الطريق.

تأثير مروعية

رغم أن قيادة السيارة في تلك الحقبة الزمنية بالنسبة لامرأة تعد أمرا مستغربا وغير مقبول في كثير من الأحيان، إلا أنها استطاعت أن تسابق الزمن بأعوام طويلة، ولم تخلق غيرة لدى النساء من بنات جيلها فحسب، بقدر إشغالها الكثير من الرجال الذين كانوا يرون فيها الشجاعة والمهارة على قيادة السيارة. وحينما كان هناك قليل من الناس يقودون السيارة في مدينة أبها، إلا أن قيادة مروعية جعلت الكثير من الرجال حينها يتعلمون القيادة لقضاء حوائجهم واحتياجاتهم.

هوايات متعددة

لم يتوقف طموح مروعية عند قيادة السيارة ، بل تقدمت مروعية باستقالة مبكرة من وظيفتها الحكومية، بعد بضع سنوات لتتجه إلى مجالات مختلفة في عالم التجارة لتكون أول امرأة في عسير تحصل على رخصة بلدية لمشغل خياطة بأبها عام 1405، باسم أروى، وبعد ذلك صدر باسمها سجل تجاري ورخصة لمزاولة تجارة الذهب والمجوهرات، فيما حققت نجاحات مختلفة ومتزايدة في تجارة العقار في السعودية ومصر .

تعليم أشقائها الصغار

عرف عن مروعية حرصها على تعليم إخوانها الأصغر سنا منها، وقامت بتعليمهم القيادة للسيارة مبكرا، وكانت حريصة على مهارات القيادة الصحيحة واتباع الأنظمة وعدم السرعة واحترام الطريق، وكانت تقوم حينها بقيادة أنواع مختلفة من السيارات منها الصغيرة والمعدات الثقيلة.

عاطفة جياشة

يؤكد عدد من الذين عاشوا في تلك المرحلة أن مروعية كانت على قدر كبير من الشفقة على المساكين والفقراء، وكانت تحث على الاهتمام بتلك الفئة، وتحرص عليهم وتجالسهم، وكانت كثيرة الإنفاق على المساكين والشفقة على الأيتام، وكان لها مكانة كبيرة في قلوبهم ويفرحون عند مشاهدتها.

شعبية جارفة

لم تكن مروعية تتوقف عند محطة واحدة من محطات النجاح، بل تواصل مسيرها بكل ثقة لتصل إلى المحطة الجديدة، ورغم اكتسابها شعبية جارفة ومكانة كبيرة ومحببة في قلوب في نفوس أبناء منطقة عسير، إلا أن ذلك لم يشكل غرورا بقدر بقائها على مسافة واحدة من جميع فئات المجتمع ومكوناته. لقد أجادت مروعية الاستيلاء على قلوب المحيطين من حولها عبر اهتمامها اللافت بهمومهم وقضاياهم، حسبما يقول أحد أقربائها.

رحلات خارجية

استطاعت مروعية أن تسافر بمفردها إلى خارج المملكة في أول رحلة خارجية، وتحديدا إلى دولة مصر الشقيقة، وذلك من أجل متابعة بعض أعمالها التجارية والإشراف عليها عن قرب.

سيرة من حياة مروعية أبها

1376


ولدت في حي القرى بمدينة أبها

عاشت طفولتها في كنف والدها

وكانت ملاصقة له بشكل كبير

1382

التحقت بالمدرسة الابتدائية في أبها

1390

قادت السيارة كأول امرأة في منطقة عسير

1392

حصلت على شهادة الثانوية العامة

عملت في القطاع الحكومي وتحديدا في دار الرعاية الاجتماعية لبضع سنوات ثم تفرغت لأعمالها الخاصة

1405

حصلت على رخصة من البلدية وافتتحت أول مشغل ومركز تجميل نسائي في أبها

1410

حصلت على سجل تجاري لمزاولة تجارة الذهب والمجوهرات

1440

توفيت بعد مرض لم يمهلها كثيرا