لا يخفى على أحد أهمية الإعلام في حياتنا الاجتماعية، ودوره المؤثر والفعال في المجتمع، حتى مع اختلاف الوسيلة الإعلامية، يبقى الهدف واحدا، ابتداءً من مرحلة تكوين أو صناعة المادة الإعلامية حتى مرحلة نشرها، فكانت وما زالت بعض هذه المواد الإعلامية تثري عقل المتلقي بالفكر والعلم والمعرفة، لتكوين نواة، لثقافته أو قطرة تصب في دلو معرفته.

فالإعلام هو المحرك الأول لنشر الثقافة بين أفراد المجتمع، عبر وسائله المقروءة أو المسموعة أو المرئية، فكانت هذه الوسائل المتاحة قبل ظهور وسائل الاتصال الحديثة التي أحدثت ثورة في عالم الإعلام الحديث، تخلق التكامل الإعلامي لتطوير المسيرة الإعلامية بشكل واسع، وكبير، وأكثر سرعة، في تحطيم وتجاوز، حاجز الوقت بكل زمان ومكان، بعيدا عن أي قيد، يحد من إيصال المعلومة بشكل أسرع، فأصبحت الأخبار تواكب الأحداث لحظة بلحظة، وبتفاعل حي ومباشر، تتيح مناقشة هذه الأحداث وتبادل الآراء في محاولة البعض إيجاد الحلول التي تهم المجتمع، فتسهم في البناء المعرفي والإدراكي لأفراد المجتمع، فتزيد من وعيهم، ليكونوا قادرين على طرح أفكارهم وتحليلها بشكل منطقي وبنّاء، فتساعد بتحرير عقول البعض من قيود الماضي، وتعزز الثقة بالنفس، وإرساء مبدأ الوطنية وتعزيز قيم الانتماء للوطن، فتنير بصيرتهم وأفكارهم بعيدا عن المتربصين في الظلام، ممن يسعون إلى تفتيت وتمزيق مجتمعنا عبر زرع أيديولوجيات دينية وسياسية، تهدف إلى تدمير مجتمعنا من الداخل ونزع روحه الوطنية التي كانت وما زالت رغم محاولاتهم لزعزعتها، صامدة وشامخة كجبال طويق تتكسر على أعتابها سهامهم المسمومة، وبأفكارهم الهدامة.

مع بزوغ شمس الرؤية، أصبحت الثورة الإعلامية تشرق على كل أقطار العالم، لتضيء للعالم أجمع، وتسلط الضوء على جمال وأصالة الحضارة السعودية التي تمتد آلاف السنين، بعيدا عن الصورة النمطية السابقة التي ترسخت في أذهان العالم الخارجي، بأننا شعب يعيش حياة بدائية تقتات من حضارات الأمم الأخرى، ظهرت من العدم، ليس لها تاريخ أو امتداد حضاري يضاهي الحضارات الأخرى. فكانت وما زالت المملكة العربية السعودية هي مهد كثير من الحضارات، ابتداءً من حقبة العصور الحجرية القديمة والمتوسطة، وباكتشاف مستوطنات بشرية من العصر الباليوليشي، يعود تاريخها إلى أكثر من مليون وربع المليون سنة، ومرورا بالحضارات اللاحقة التي يعود تاريخ بعضها إلى أكثر من9000 سنة قبل الميلاد، كحضارة المقر، ومدين، وعاد، وثمود، ودلمون،... إلخ. وانتهاء بالحضارة الإسلامية التي انطلقت من هذه الأرض المباركة.

فالإعلام أسهم بشكل كبير وفعال في تسليط الضوء على مكانة وحضارة المملكة العربية السعودية العريقة، وصورتها الجميلة التي يجب أن يراها العالم كما هي، على حقيقتها الفعلية، وأننا أمة لها تاريخ عريق وفاعل، أسهمت في بناء هذا العالم الكبير.