تعاني 177 جمعية «تعمل في مختلف المجالات» بمنطقة القصيم، من انعدام أثر خدماتها والازدواجية، فضلا عن غياب الحوكمة، فالمستفيد يصعب عليه الوصول إليها لعدم درايته بمواقعها الرسمية حتى على الإنترنت، مما جعلها منعزلة عن الجميع، وبالرجوع إلى وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، أكدت أنها تعمل على التحقق من مدى تحقيق الجمعيات لأهدافها، وتبذل جهودها لتفعيل الجمعيات الضعيفة وزيادة أثرها دون أن تحدد معايير الضعف والتفعيل والمحاسبة والتقصير.

الحوكمة الإدارية

قال الاستشاري الهندسي سليمان المهنا أبا الخيل، إن اكتمال عقد الوزارة سيكون من صالح القطاع الثالث، وداعما لاكتمال ونضوج أنظمة ولوائح الجمعيات والمؤسسات العاملة في القطاع الخيري والاجتماعي، أو ما يسمى مؤسسات المجتمع المدني، وأن من أهم ما تحتاجه تلك المنظمات هو حوكمة الجانب الإداري والمالي ونظام الرقابة الذي يشكو حال عدم نضوج الأنظمة واللوائح، وكذلك مستوى تأهيل القطاع الداعم في الترخيص والرقابة على تأسيس الجمعيات ودعمها وتقييمها المستمر.

تحليل الفجوة

أضاف أبا الخيل «أعلن وزير العمل والشؤون الاجتماعية في بداية عمله بأنه سيضاعف عدد الجمعيات ومؤسسات المجتمع المدني، إلا أن الحراك في تأسيس الجمعيات، سواء كانت مهنية أو خيرية أو اجتماعية وتيرة ضعيفة، ويكتنفها كثير من المشاكل وتكون مخفية لا ترى، وما اقترحه أن تتولى الوزارة دراسة لتحديد حاجة المجتمع تعتمد على تحليل الفجوة Gap Analysis في ما ينقص المجتمع من خدمات ودراسة أخرى تعتمد على تحليل المقارنة Benchmark مع المجتمعات العالمية الأكثر نضوجا مهنيا.

العشوائية والشللية

أردف أبا الخيل أن الممارسات في تأسيس الجمعيات عليها ملاحظات كثيرة، من أهمها العشوائية والشللية واختيار قائد الجمعية لمن يرتاح ويتناغم معهم، وذلك لعدم المعارضة أو الاختلاف معه، وربما يتم توزيع المناصب القيادية بين مجموعة قليلة، وتكون هي الجمعية العمومية ومجلس الإدارة قبل تأسيسها، وهذا خطر على جوانب الحوكمة وأسلوب اتخاذ القرار في تلك الجمعيات، كما أن الرقابة من قبل الوزارة ومراكز التنمية لم تتضح، ورأيي في ذلك أن الوزارة بعد اعتماد الجمعية ورؤيتها وأهدافها يتم الإعلان عن فتح المجال للراغبين في الخدمة وتحقيق أهدافها، ثم تؤسس جمعية عمومية لا تقل في عددها عن 100 عضو، ويتم على هذا تأسيس الجمعية وقيامها وإكمال الإجراءات الأخرى في اختيار مجلس إدارتها الذي يقودها للتميز وتحقيق الأهداف.

أفضل الأعضاء

أضاف أبا الخيل: من خلال تجربة خاصة خضتها في الغرف التجارية والمجالس البلدية وكذلك الجمعيات الخيرية، أرى أن أسلوب الانتخاب غير مناسب لثقافتنا ابتداء، وأن هذا الأسلوب يؤدي إلى بروز من يرغب ويخطط له للوجاهة، لا لتحمل المسؤولية. وأرى أن أسلوب الانتخاب واختيار مجلس قيادة الجمعية يتم بأسلوب التزكية من الجمعية العمومية لا الترشح وفرض أشخاص محددين، ولعل الوزارة تتبنى أسلوب اختيار محوكما يؤدي إلى اختيار أفضل الأعضاء لتحقيق رؤية وأهداف الجمعية، ويجنبها المخاطر المالية التي قد تعصف بها، ولا بد من نضوج الهيكلة الإدارية وعلاقة الجمعيات ومؤسسات المجتمع المدني مع الوزارة، ويجب أن يمثل تلك الجمعيات اتحاد يشكل إما على نطاق جغرافي أو تخصصي، ويكون له الصلاحية في التواصل مع الوزير مباشرة، ويكون هناك أمانة عامة في الوزارة بمستوى وكيل وزارة تكلف بجميع مسؤوليات الفسح والرقبة والتقييم والحوكمة والدعم المالي، وحل جميع مشاكل ومتطلبات الجمعيات ومؤسسات المجتمع المدني.

خلل مؤسسي

قال الخبير في القطاع غير الربحي ماجد علي الصمعاني، نشاهد في كثير من الجمعيات واللجان الأهلية الإدارة التنفيذية هي المخطط والمنفذ والمقيم، وهذا خلل مؤسسي يجب أن تكون الإدارة التنفيذية مشاركة بالتخطيط وبعيدة عن تقييم ذاتها، ويكون نصيب التقييم والتقويم جهة مرتبطة بالجمعية العمومية أو مجلس الإدارة، وقياس الأداء لا يكون فقط على الأداء المالي، بل على الإداري والاجتماعي، مؤكدا أهمية ربط المركز أو الجهة المختصة لإدارة الاستثمارات «العقارية والتجارية» بالجمعية العمومية أو مجلس الإدارة، ويكون أعضاؤها من المتخصصين في مجال الاستثمار، مشيرا إلى أن الجمعيات الخيرية والأهلية التي لديها فروع يجب أن تعامل الفروع مثل تعامل الوزارة مع الجمعيات، ويجب أن يكون من ضمن سياسات العمل في الجمعيات واللجان الخيرية والأهلية دراسة جدوى لكل مشروع أو برنامج، سواء كان تنمويا أو رعويا، مضيفا أهمية ربط القطاعات الخيرية ذات العلاقة إلكترونيا بالمنطقة كمرحلة أولى وبالمملكة كمرحلة ثانية، لكي يتم التحقق من مصداقية المتقدمين.

الصفة الاعتبارية

طالب الصمعاني باستبعاد أي صفة اعتبارية من مجالس الإدارة والمناصب القيادية في القطاع الخيري، لأنه قد يؤثر عليها من نواحٍ عدة قرارات المجلس أو إيجاد حصانة تحرج الجهات الرقابية أو الإشرافية من مزاولة مهامها، وإبراز القطاعات الخيرية المتميزة بالمنطقة والاستفادة من قياداتها وخبراتها وتجاربها، ومن الواجب أن تستفيد الوزارة من العمل الإلكتروني لدى وزارة العدل والطاقة والداخلية والتجارة وغيرها لمعرفة مصداقية حاجة المتقدمين.

كما طالب بتفعيل المجالس التنسيقية في كل منطقة والاستفادة من مخرجاته، ويمكن من الصلاحيات والمزايا المالية التي تحقق التميز والإبداع بالمنطقة، ويرشح لها الأكفاء والمتميزون في القطاع الخيري، وإلزام القطاع غير الربحي بتحويل سندات القبض أو الصرف من دفترية إلى إلكترونية.

تأثير محدود

أكد المحامي والمحكم والموثق أحمد الجطيلي أن الجمعيات التعاونية تأثيرها محدود على المجتمع حتى الآن، والجمعيات لها ضوابط حددها النظام والوزارة لنشأتها واستمرارها ومحاسبتها، منها التزام الجمعية أو المؤسسة بالتعاون مع مكتب المحاسب القانوني المعتمد من قبل الوزارة، وتمكينه من أداء عمله، ولها حق الاستعانة بمكتب محاسب قانوني مرخص، والإعلان عن الوظائف الشاغرة بالجمعيات والمؤسسات الخيرية، ويتم طرحها بشفافية وعدالة والتزام الجمعية أو المؤسسة بالتقيد بالتعاميم والتعليمات المبلغة لها من الوزارة وفروعها، خصوصا فيما يتعلق بالتبليغ عن جرائم غسل الأموال أو تمويل الإرهاب الصريحة والمشتبه بها، والتعاون مع الجهات ذات العلاقة على العناوين والأرقام المخصصة لهذا الغرض.

وأضاف الجطيلي أن نظام الجمعيات حدد في مادته الـ34 أن يبقى الحساب الختامي وحساب الأرباح والخسائر، وتقارير مجلس الإدارة وجهة الإشراف والمراجعين القانونيين في مقر الجمعية مدة أسبوع على الأقل قبل انعقاد الجمعية العمومية، ويكون لكل عضو حق الاطلاع عليها، وتظل كذلك إلى أن يتم التصويت عليها، ويقدم مجلس الإدارة في نهاية السنة المالية حسابات الجمعية للجمعية العمومية للمصادقة عليها بعد اعتمادها من المحاسب القانوني ومراجعتها من الوزارة.

رقابة مالية

أكدت وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية في ردها على «الوطن» أن الرقابة على الجمعيات من خلال أدوات الإشراف والحوكمة تهدف إلى تعظيم دور الجمعيات في خدمة المجتمع، والتحقق من كون الأنشطة التي تنفذها الجمعيات تقع ضمن تخصصها، بالإضافة إلى الرقابة المالية، سواء على مصروفات الجمعية أو إيراداتها دون أن تبين آليات هذه الرقابة وتفصيلها وربط تنفيذها وخطواتها برؤية المملكة 2030 التي أطلقها ولي العهد.

وأضافت الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، أن مراكز التنمية هي جهات الإشراف لهذه الجمعيات والجمعية العمومية إحدى أدوات متابعة الإنجاز وتقييمه دون أن تبين جهة تقييم الأداء والإنجاز المباشرة لديها ومعايير هذه المؤشرات.

وقالت إن تقييم الحوكمة للجمعيات بشكل سنوي يشمل «السلامة المالية، الشفافية والإفصاح، الالتزام والامتثال»، والإفصاح أحد المعايير مشتمل على القوائم المالية والأنشطة والمستفيدين وذوي العلاقة بالجمعية، سواء كان مجلس الإدارة أو اللجان العاملة في الجمعية. وأشارت إلى أن هناك رقابة مالية وإدارية من خلال إصدار القوائم المالية من مكاتب محاسبية معتمدة، وأن الجوانب الإدارية تتم الرقابة عليها من خلال مراكز التنمية.

وأوضحت الوزارة أن منطقة القصيم تضم 177 جمعية، وأنها تعمل على التحقق من الجمعيات ومدى تحقيق أهدافها، وتبذل جهودها لتفعيل الجمعيات الضعيفة وزيادة أثرها، دون أن تحدد معايير الضعف والتفعيل والمحاسبة والتقصير.

ملاحظات ودعوات للجمعيات

العشوائية والشللية

الانتخاب يتم بأسلوب التزكية

الإدارة التنفيذية هي المخطط والمنفذ والمقيم

من الواجب أن تستفيد الوزارة من العمل الإلكتروني للتأكد من حاجة المستفيدين

ضرورة استبعاد أي صفة اعتبارية من مجالس الإدارة

لا بد من تفعيل المجالس التنسيقية في كل منطقة والاستفادة من مخرجاتها

إلزام القطاع غير الربحي بتحويل سندات القبض أو الصرف من دفترية إلى إلكترونية