لم يخرج لبنان بعد من لعنة 13 إبريل، فهذا الرقم الذي يعتبر تشاؤما يمكن أن تتلافاه، إلا أنه بالنسبة للبنانيين نكبة.
كان يوم 13 إبريل عام 1975 يوما مفصليا، بين حقبتين طالما راوح لبنان بينهما، عبر محاولة سياسييه مداراة الواقع وعدم الاعتراف به، وهو أن لبنان لا بد أن يتغير تبعا للتطور التاريخي للشعوب.
السلطة من جهة، وحركة شعبية من جهة أخرى، كل وقف في خندقه، وجهز معداته.
لا صوت يعلو فوق صوت الطائفية. فانفجر الوضع عسكريا، ودخل لبنان في غياهب التجاذبات وما أكثرها.
أن تحمي نفسك من القتل؛ العملية سهلة جدا. الانضمام إلى أحد المعسكرين: الفلسطيني المدعوم من المسلمين واليسار اللبناني (حسب تفسيرات وكالات الأنباء الغربية)، واليمين المدعوم من السلطة، وما أطلق عليه الجبهة اللبنانية التي هي تجمع الأحزاب المسيحية اللبنانية.
لم يخرج لبنان من هذه الدوامة رغم كل المبادرات العربية والأجنبية، تعريب ثم تدويل، ثم تخل، واجتياحات إسرائيلية لبعض مناطقه الجنوبية، وصولا إلى العاصمة بيروت. كل ذلك زاد من تعقيدات الأوضاع، في ظل عجز الدولة عن القيام بواجباتها حيال تحرير الأرض، مما أدى إلى خلق تنظيمات طائفية ومذهبية، استطاعت أن تقفز فوق الدولة وتكون بديلا عنها في الكثير من المحطات.
إن اتفاق الطائف الذي أنهى الحرب اللبنانية عام 1989 بمبادرة من المملكة، يبقى علامة فارقة في تاريخ لبنان باعتبار أنه أصبح دستورا جديدا للبلاد، وما التخبط الذي ما زال يعانيه لبنان، إلا نتيجة عدم التطبيق الصحيح والجازم للاتفاق.