لم يختلف حال الأندية الأدبية في مختلف المناطق كثيراً بين وقتي الاستقرار، والأزمة، وإن كانت قد التزمت بحزمة الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها المملكة أخيراً، خاصة فيما يتعلق بالتجمعات، ومنع التجوال، وحصر التجوال في الأوقات المفتوحة للضروريات.

جاء الالتزام على صورتين متباينتين، فقط فضلت بعض الأندية إقفال الأبواب، والركون إلى الراحة، ريثما تمر عاصفة الوباء غير محددة المدة، وغير واضحة ملامح النهاية، بينما رأت أندية أخرى أنها يمكن أن تجري بعض النشاطات غير المرتبطة بالتجمع، وابتدعت أخرى أشكالا عدة من الأنشطة يمكنها التماشي مع الوضع الراهن.

فيما رأى مثقفون أن أوقات منع التجوال الطويلة كان يمكن أن تُشغل بالمفيد الذي تقدمه الأندية، إذا ما أطلقت مبادرات تستحق المتابعة، رأى بعضهم أن المبادرات التي أطلقت حتى الآن ما زالت دون الطموح، وأن معظمهما لم يتصف بالإبداع المطلوب، بل وجاءت حتى دون مجهود حقيقي يستحق.

الظمأ

في ظل التعطش لملء الفراغ بأنشطة تضيف للحصيلة، رأى متابعون أن مبادرة للاستماع أو نشر قصيدة، أو الدعوة لقراءة كتاب، لا يمكن أن تروي شغف المثقف الذي يطالب بما هو أكثر. يوضح الناقد الفني يحيى زريقان لـ»الوطن» أن «العالم يعيش أزمة غير مسبوقة، ونحن جزء من هذا العالم، واستقرار أي مجتمع يقوم على الازدهار الاقتصادي والسياسي، وفي ظل الظروف الراهنة التي تحد من حرية المجتمعات تسعى كثير من المنظمات الثقافية إلى إيصال برامجها عن بعد بقدر المستطاع، لكن الحاجة أكبر من المتاح، بمعنى أن المجتمع في الفترة الراهنة بحاجة لمجهود ثقافي أكبر، كون أن المجتمع السعودي على وجه التحديد أصبح اليوم يمتلك كثيرا من الشغف تجاه الاطلاع والقراءة، وهذه فرصة مواتية للأندية الأدبية والجمعيات الثقافية في المملكة لتلبية وتفهم حاجة المجتمع وتطلعاته التي تعبر عن شغفه المتجدد تجاه المعرفة والتعلم». أضاف «على الجهات الثقافية على وجه الخصوص عمل دراسة لمعرفة متطلبات المجتمع الثقافية، وماذا يريد على وجه التحديد، وكيف يمكنها أن تعمل على الاستجابة لهذه المتطلبات».

استخدام محدود

في ذات السياق، أشار الناقد يسري زيدان إلى أن «هناك استخداما محدودا جدا للبرامج الإلكترونية عن بعد من قبل بعض الجهات، لذلك يجب على الجهات الثقافية المختصة مثل الأندية الأدبية في الفترة الراهنة تفعيل دورها بشكل أكبر من خلال استخدام الاستبيانات الإلكترونية لمعرفة حاجة المجتمع لنوع الندوات والدورات الثقافية، فعلى سبيل المثال هناك إقبال كبير على التسجيل في دورة كتابة السيناريو الاحترافي، ودورات التصوير، مما يعطي انطباعا عن هوايات وتطلعات الشباب والشابات، كما يجب على الجهات الحكومية المختصة اعتماد وتخصيص دورات في مجالات مختلفة عبر مواقعها الرسمية، حيث إن هناك 300 مليون طالب حول العالم يعتمدون اليوم على التعلم عن بعد، أما فيما يخص اللقاءات الثقافية، فيجب تفعيلها بشكل أكبر من خلال استضافة شخصيات مؤثرة يحتاجها المجتمع في الوقت الراهن».

جدولة

استجابة للوضع الراهن، وحتى لا توقف نشاطها بشكل تام، بادرت بعض الأندية الأدبية مثل ناديي جدة وتبوك، إلى اعتماد عدة نشاطات ثقافية يتم تنفيذها عن بعد، وذلك عبر عقد عدد من الندوات والدورات الثقافية والمبادرة إلى بثها مباشرة عبر المواقع الإلكترونية الرسمية، وإعادة بثها عبر منصات مواقع التواصل الاجتماعي.

مسابقة شعرية

أقام نادي تبوك الأدبي مسابقة شعرية، وخصص لها جائزة قيمتها 7 آلاف ريال، وذلك في الشعر العامودي، وباللغة الفصحى. اعتمد موضوع المسابقة على كتابة شعر في موضوع مجهودات جنود الوطن في الظروف الراهنة من أطباء وعسكريين. كما أقام النادي ندوات ثقافية في عدد من المجالات الفنية مثل الرسم، وكتابة القصة القصيرة، والخطابة.

قراءة وكتابة

بدوره، أقام نادي جدة الأدبي، وبالتعاون مع عدد من الجهات المعتمدة مثل عمادة شؤون المكتبات في جامعة الملك عبدالعزيز، وباستخدام عدد من تطبيقات البث الصوتي المختصة في الكتب الصوتية، مسابقة القراءة، ومسابقة كتابة القصة القصيرة تحت شعار «الثقافة في قلب الحدث»، ورصد لها جائزة قيمتها ثلاثة آلاف ريال. كما أقام مسابقة الشعر بالتعاون مع الملتقى الأدبي بمكة المكرمة. حرص النادي كذلك على توفير مجموعة على تطبيق الواتس آب للراغبين بالانضمام والتفاعل مع البرامج الثقافية المقامة، والتي تشمل لقاءات أدبية مع أهم الكتاب والشعراء والفنانين، مع السماح للجمهور بالمشاركة في طرح الأسئلة، والتحاور مع الضيوف في حال كان البث مباشرا.

برامج جديدة

يعد مدير النادي الأدبي في تبوك، الدكتور نايف الجهني، بإطلاق جملة من البرامج الثقافية الجديدة خلال الفترة القريبة المقبل، ويؤكد «الجهود مستمرة ومبذولة في سبيل تطوير الأنشطة الثقافية للنادي، وسيتم الإعلان عن الفائز في المسابقة الشعرية المعلن عنها منذ بداية الشهر الماضي خلال اليومين المقبلين». تابع «أما ما يخص الأنشطة الثقافية الأخرى، فنعمل على بث ندوات ودورات ثقافية بشكل يومي عبر حساباتنا على مواقع التواصل الاجتماعي، والفرصة متاحة للجميع لمتابعتها والمشاركة فيها وبشكل مجاني».

القيمة

يؤكد مدير الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون بمدينة جدة محمد آل صبح لـ»الوطن» أن تفعيل القيمة الأدبية والثقافية في الأوضاع الراهنة يعد ضرورة لا بد منها، ويتابع «في مثل هذه الأزمات الإنسانية تظهر قيمة الثقافة في المجتمع، وذلك من خلال عقد تواصل غير مباشر بين المثقفين السعوديين والمجتمع بكافة مجالاتهم».

وأضاف «انطلاقا من هذه الفكرة، عملنا على تفعيل عدد من الورش، والندوات التعليمية عن بعد، مثل ورشة ومحاضرات تعليم التصوير الفوتوجرافي التي لاقت إقبالاً واسعاً منذ بداية بثها عن بعد، مما أعطانا دافعا للاستمرار، كما أن ورش المسرح التي كانت تُعطى مباشرة للمتدربين تم استكمالها عن طريق ورش نظرية إلكترونية (أونلاين)».

وأشار إلى أن «الوعي هو صمام الأمان في ظل الظروف الراهنة». تابع «موظفو وأعضاء النادي الأدبي، والجمعية السعودية للفنون، يسخرون وقتهم لخدمة البرامج القائمة عن بعد، وذلك من خلال مناقشة الأفكار الجديدة، وطرح مواضيع ثقافية تخدم فئات المجتمع المختلفة، كما يعملون على الرد على الاستفسارات الخارجية، ويعطون مقترحات لحضور الندوات والورش المقامة خلال الفترة الحالية عبر الموقع الإلكتروني للجمعية».

عمل غنائي

أفاد آل صبيح «هناك عمل غنائي وطني برعاية الجمعية السعودية للثقافة والفنون بجدة من كلمات الشاعر سعود سالم، وألحان طلال باغر، كما سنطلق أنشودة وطنية برعاية لجنة الطفل في الجمعية من كلمات الشاعر الصهيب العاسمي، تعد رسالة سلام من أرض السلام إلى كافة الجنسيات والأعراق حول العالم».

أفكار مبتكرة

بادر النادي الأدبي في مدينة الرياض إلى بث أفكار ثقافية، وصفها بالـ»مبتكرة» للتوعية بضرورة البقاء في المنازل في ظل الظروف الراهنة وذلك من خلال بث فيديو يومي يقوم من خلاله أحد الكُتاب، أو الشعراء، أو النقاد المؤثرين مثل: المفكر عبدالله الغذامي، والناقد الفني يحيى زريقان، والشاعر فواز اللعبون، بتقديم رسائل اجتماعية ثقافية إلى المجتمع، تنصحه بالالتزام بالتعليمات الراهنة، وكيفية الاستفادة من الوقت من خلال القراءة وحفظ أبيات الشعر. حصدت تلك المبادرة إعجاب المتابعين على مواقع التواصل الاجتماعي.

أهداف

يشير قائمون على الأندية الأدبية في المملكة إلى أن استمرارية الفعالية الثقافية في النوادي تهدف إلى تنمية روح المواطنة وتعزيز المشاركة الثقافية والعلمية بين أفراد المجتمع، وبناء وتنمية مهارات القراءة الحرة، والقدرة على نقد الأفكار وتحليلها وتصنيفها بأسلوب علمي، وتنمية المكنون الفكري والثقافي ورفع مستوى المهارات المعرفية والبحثية في مواجهة التحديات، والعمل على الارتقاء بمستوى التعبير عن الأفكار، والسمو بالتراكيب والأساليب المعرفية خلال فترة العزل.

نشاطات أجرتها الأندية

نادي تبوك

مسابقة شعرية، جائزتها 7 آلاف ريال

ندوات فنية في الرسم، وكتابة القصة القصيرة، والخطابة

نادي جدة

مسابقة القراءة

مسابقة كتابة القصة القصيرة تحت شعار الثقافة في قلب الحدث

مسابقة الشعر بالتعاون مع الملتقى الأدبي بمكة المكرمة

لقاءات أدبية مع أهم الكتاب والشعراء والفنانين

نادي الرياض

فيديو يومي لأحد الكُتاب، أو الشعراء، أو النقاد

تقديم رسائل اجتماعية ثقافية إلى المجتمع

نصائح للاستفادة من القراءة وحفظ أبيات الشعر

أندية أوقفت أعمالها تماما

الأحساء

حائل

مكة

المدينة المنورة

جمعية الفنون بجدة

ورش وندوات تعليمية عن بعد

ورشة ومحاضرات تعليم التصوير الفوتوجرافي

ورش المسرح النظرية الإلكترونية (أونلاين)

الرد على الاستفسارات الخارجية

إعطاء مقترحات لحضور الندوات والورش

عمل غنائي وطني

أنشودة وطنية برعاية لجنة الطفل