تجاوز عدد الوفيات حول العالم جرّاء كوفيد-19، 60 ألفا السبت، بينما سادت أرجاء القارة الأوروبية آمال حذرة من إمكانية التقليل من انتشاره، في حين أعادت دعوات الولايات المتحدة لمواطنيها لتغطية وجوههم إثارة الجدل بشأن مدى تأثير الأقنعة في الحد من تفشي الوباء. وجاءت الحصيلة الأخيرة مع تسجيل بريطانيا عددا يوميا قياسيا جديدا في الوفيات شمل طفلا في الخامسة من عمره يعتقد أنه أصغر ضحايا كوفيد-19 في بريطانيا. لكن بريطانيا التي تعد بين أكثر دول العالم تأثّرا بالفيروس، سجّلت انخفاضا في الوفيات لليوم الثاني على التوالي، ما يعطي بصيص أمل لأوروبا برمّتها.

في هذه الأثناء، نظّمت الصين حيث ظهر الفيروس لأول مرّة 3 دقائق صمت تكريما للمرضى وأفراد الطواقم الطبية الذين أودى بهم كوفيد-19. وفي أنحاء الصين، دوت صفارات الإنذار وأبواق السيارات والقطارات والسفن. وقالت الممرضة شو التي كانت تعمل في الصفوف الأمامية في مدينة ووهان (وسط) حيث اكتشف الفيروس أول مرة "أشعر بالكثير من الأسى حيال زملائنا والمرضى الذين توفوا". وأضافت "آمل أن يرتاحوا في الجنة".

وبينما يبدو أن الصين تجاوزت أسوأ مراحل تفشي الوباء، إلا أن الفيروس واصل حصد الأرواح بلا هوادة في بقية أنحاء العالم. وبلغ عدد المصابين بكوفيد-19 أكثر من 1,1 مليون حاليا توفي 60 ألفا منهم، وفق تعداد فرانس برس. ويعيش المليارات في ظل إجراءات إغلاق، إذ بات نحو نصف سكان الأرض معزولون في منازلهم بينما أغلقت المدارس والأعمال التجارية أبوابها في مسعى للحد من تفشي الوباء.

الأرقام تتحسن

ولا تزال أوروبا تتحمل العبء الأكبر، لكن الأرقام الرسمية تشير إلى أن الإجراءات غير المسبوقة للحد من حركة الناس تؤتى ثمارها. ورغم قتامة المشهد في بريطانيا حيث ارتفعت حصيلة الوفيات إلى أكثر من 4300 من نحو 42 ألف إصابة، تميل دول أخرى إلى التفاؤل لكن بحذر. وعلى سبيل المثال، شهدت إسبانيا حيث فرض عزل تام تقريبا تراجعا في عدد الوفيات المرتبطة بكورونا الجديد لليوم الثاني على التوالي إذ بلغ عدد الوفيات 809 خلال الساعات الـ24 الماضية. وبات العدد الإجمالي للوفيات في البلاد حاليا 11744، ما يضع إسبانيا في المرتبة الثانية بعد إيطاليا.

ولم يكن الإسباني خافيير لارا لينجو لولا اعتماده على الأوكسيجين في قسم العناية المشددة المكتظ في إحدى المستشفيات، وهو ما شكل مفاجأة للشاب الرياضي وغير المدخن البالغ 29 عاما. وقال "شعرت بالهلع من احتمال إصابة ابنتي. عندما بدأت تظهر الأعراض علي، قررت ألا أقترب منها"، واصفا تجربته في مواجهة الموت مع ابنته البالغة 8 أسابيع بـ"اللحظة الأسوأ" في حياته. والآن، تراجعت وتيرة تسجيل إصابات جديدة في إسبانيا.

بدورها، أعلنت إيطاليا أن الزيادة اليومية في عدد الإصابات المسجلة تراجعت إلى نسبة قياسية جديدة عند 4% فقط، بينما يزداد عدد الأشخاص الذين يتعافون بشكل كامل من المرض. وقال كبير مسؤولي الصحة في منطقة لومبارديا الأكثر تأثرا بالوباء في إيطاليا جوليو غاليرا إن "الأرقام تتحسن. بدأت مستشفياتنا تلتقط أنفاسها". كما تراجع عدد الحالات التي تستدعي عناية مشددة في إيطاليا لأول مرة منذ تفاقم الأزمة الصحية فيها، وفق ما أعلن الدفاع المدني السبت. وانخفض العدد إلى 3994 حالة مقابل 4068 مساء الجمعة.

طوعي

لكن الوضع يتدهور سريعا في الولايات المتحدة حيث سجّلت ولاية نيويورك الأكثر تأثرا 630 وفاة في يوم واحد. وأشارت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب الجمعة إلى أن استخدام الأقنعة الواقية البسيطة أو الوشاحات قد يساهم في الحد من تفشي الفيروس. وبدّلت عدة دول غربية بينها ألمانيا وفرنسا مواقفها في الأيام الأخيرة وباتت تشجع حتى على استخدام الأقنعة المصنوعة في المنازل رغم أنها كانت تشدد في السابق على أن العاملين في مجال الصحة وحدهم من يحتاجون لتغطية وجوههم. وأثار هذا التحوّل حفيظة السكان وأربكهم بينما ازداد انتشار تسجيلات تعليمية على الإنترنت توضح كيفية صنع أقنعة في المنزل. لكن ترمب قال إنه لن يرتدي أي قناع.

وقال "سيكون الأمر طوعيا، لن تكونوا مجبرين على القيام به وأنا اخترت عدم القيام به، لكن قد يرغب البعض بذلك فلا بأس". وتحدث مدير معهد الأمراض المعدية أنطوني فاوتشي العضو في خلية الأزمة في البيت الأبيض، عن معطيات تشير إلى أن "الفيروس يمكن في الواقع أن ينتقل عندما يتبادل الناس الحديث فقط، وليس عند السعال أو العطس فقط". لكن منظمة الصحة العالمية بدت أكثر حذرا في هذا الصدد، رغم أنها تعيد مراجعة إرشاداتها. وبدأ مسؤولون في نيويورك نصح السكان بارتداء الأقنعة منذ أيام.

القادم اسوأ

وبالتوازي مع ذلك، صدر تحذير آخر يخص دول العالم الأقل تقدما خاصة مناطق النزاعات أو تلك التي تضم عددا كبيرا من اللاجئين. وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش "القادم أسوأ" بالنسبة إلى بلدان مثل سوريا وليبيا واليمن حيث "تتجه عاصفة كوفيد-19 الآن إلى مسارح النزاعات تلك".

وأعلنت ليبيريا، الدولة الفقيرة التي تقع غرب إفريقيا، أن مسنا يبلغ 73 عاما بات أول مواطن يتوفى جراء الفيروس. وتأذى الاقتصاد العالمي بسبب الوباء وتبعاته كإجراءات العزل، حيث تقدم الملايين بطلبات إعانة البطالة في الولايات المتحدة. أما وكالة التصنيف المالي "فيتش" فتوقعت تقلص اقتصادات الولايات المتحدة ومنطقة اليورو في الربع الجاري من العام بنسبة 30%. وتوقعت الأمم المتحدة "ركودا عميقا" في أمريكا الجنوبية مع تقلص الناتج الإجمالي المحلي بنسبة ما بين 1,8 إلى 4%.