دراسات لم تُثبت علمياً
يقول الباحث في الفيروسات التنفسية الدكتور بندر العصيمي: إنه في بداية انتشار فيروس كورونا في الصين ظهرت دراسة علمية (غير منشورة) عن التحليل الجيني للفيروس، واقترحت الدراسة أن طفرة جينية حصلت في الحمض الأميني رقم 2800 من الجين (ORF8) حولت السيرين إلى ليوسين، وبناءً على هذه المعلومة زعموا بأن هناك نوع (S) ونوع (L) انتشرا مع بداية انتشار الفيروس في الصين، حيث تلقى المجتمع العلمي هذه الدراسة بالرفض، وأن ما حصل لم يكن سوى مجرد طفرة لم تنذر بنشوء أنواع جديدة. وأضاف العصيمي أنه انتشر مؤخراً في مجموعة من الأخبار الصحفية وجود 8 سلالات من فيروس كورونا، وهذا كلام خطير، ولفهم هذه الخطورة لابد من تبيين مفهوم الطفرات الوراثية وتعريف معنى نشوء سلالة جديدة من الفيروس مختلفة عن السلالة الأولى في صفاتها الوراثية، فعندما نقول إن هناك سلالة جديدة فهذا يعني أن تصنيع اللقاح يجب أن يشمل الثمان سلالات، وهذا يعني أيضا أن الإنسان قد يُصاب 8 مرات كل مرة بسلالة جديدة، فهل ثبت فعلاً أن هناك سلالتين أو حتى ثمان سلالات؟.
3123 تسلسلا جينيا لكورونا
أوضح الدكتور العصيمي، أنه من المعروف أن فيروسات RNA مثل كورونا والأنفلونزا أكثر تعرضاً للطفرات الوراثية؛ لأنها عبارة عن شريط حلزوني واحد، وبسبب ضعفها في التصحيح الإنزيمي أثناء عمليات النسخ الجيني في كل عملية تكاثر تقوم بها، كي نقول إن هناك سلالة جديدة مختلفة تفرعت من السلالة الأصلية لابد أن تكون الطفرة أو الطفرات التي اكتسبها الفيروس مؤثرة على وظيفة مهمة في الفيروس جعلته أكثر ضراوة أو حتى أقل عدوانية، فعلى سبيل المثال، لو أن نوعين من فيروسات الأنفلونزا (H1N1 و H3N2) أصابتا خلية واحدة فحصل استبدال جيني بالخطأ، ونتجت سلالة (H1N2) في هذه الحالة تسمى سلالة جديدة.
إذا كنا سنعرّف نشوء سلالة جديدة بعدد الطفرات التي طرأت على فيروس الكورونا من بدايته في الصين، فإن هناك أكثر من 3123 تسلسلا جينيا للفيروس منشورة ومتاحة في المكتبة الجينية (3 منها من السعودية)، وفي هذه التسلسلات الجينية أكثر من 1150 طفرة، فهل هذا يعني أن هناك 1150 سلالة للفيروس؟، الجواب لا.
الفرق بين السلالة والطفرة
بين العصيمي، أن نشوء سلالة جديدة من الفيروس يثبت بوجود تغير وظيفي في جينات الفيروس بسبب طفرة أو طفرات جعلت منه نوعا مختلفا، ولا بد من إثبات هذا الاختلاف في مختبرات الأبحاث، فالفيروسات عبارة عن مادة وراثية DNA/RNA هي الجين وبروتينات وهي أيضا الغشاء الخارجي للفيروس، فإذا حصلت طفرة جينية ولم تتغير الوظيفة المناطة بذلك الجين فإنها تعد طفرة صامتة ولا تؤثر على طبيعة الفيروس، أما الطفرات المؤثرة هي التي يتم فيها حذف أو إضافة قواعد نيتروجينية في تسلسل الجين فتتغير وظيفته، لو حصلت مثلاً طفرة في الجين spike المسؤول عن التشبث بمستقبلات خلايا الرئة وجعلت الفيروس أكثر قدرة على التشبث هذا سيعني أن الفيروس سيكون أكثر إمراضيةً وأسرع انتشاراً.