كل ما تقدمه دولتنا العظيمة في التعامل مع جائحة فيروس كورونا «Covid-19»، وعلى المستويات كافة، يعدّ أنموذجا فريدا على مستوى العالم، ويصب في مصلحة الوطن والمواطن والمقيم، ويدل على حرص واهتمام ورعاية من القيادة الرشيدة، في سعيها إلى تقليل الأضرار البشرية والمادية من هذه الجائحة. لذلك لا غرابة مما قدمته جميع الوزارات والأجهزة والمؤسسات الحكومية من جهود كبيرة، في سبيل مكافحة هذا الفيروس، واتخاذ الإجراءات والاحترازات التي تضع السلامة أولا، وتشعر المواطن والمقيم في هذا البلد الطيب بالأمن والأمان والطمأنينة والراحة النفسية، ويتعامل مع هذه الأزمة بهدوء وتفاؤل.

في مجال التعليم، كونه من أهم المجالات الحيوية التي ترسم مستقبل الوطن، وتسهم في نمائه واستدامته، وكونه يلامس حياة الناس وأمنياتهم ويعيش معهم في كل بيت، سعت وزارة التعليم -ومنذ الأيام الأولى لتفشي الجائحة- إلى اتخاذ قرارات حاسمة وفق توجهات القيادة، تمثلت في تعليق الدراسة في جميع المراحل الدراسية، وأوجدت البدائل المتعددة للتعليم عن بُعد، لضمان استمرار العملية التعليمية، وأعطت لطلاب التعليم العام 5 خيارات تمكّنهم من التعلم، ومتابعة دروسهم وهم في منازلهم، وفي أي موقع من بلادنا المترامية الأطراف، المتنوعة التضاريس. كما مكّنت الطلاب والطالبات من الاستفادة من تلك البدائل عبر التلفزيون خلال قنوات عين دروس، أو عبر الإنترنت خلال منظومة التعلم الموحد وبوابة المستقبل، وقنوات عين على «يوتيوب»، وقد أحدث ذلك حراكا علميا واسعا وتفاعلا غير مسبوق من جميع فئات المجتمع.

وفي التعليم الجامعي، أتاحت الوزارة للجامعات خيارات عدة، اعتمدت على الخبرات السابقة في مجال التعليم الإلكتروني، الذي كانت تنفذه الجامعات بشكل أو بآخر.

ثم أتت اللحظة التاريخية التي قررت فيها وزارة التعليم إنهاء الفصل الدراسي الثاني من العام الدراسي 1441، بعد اكتمال شرح جميع المناهج الدراسية، وتضمن القرار نقل جميع الطلاب إلى المراحل الدراسية التي تلي مراحلهم الحالية، وإتاحة الفرص لتحسين مستوياتهم وفق ضوابط عامة استوعبت الجميع. كما دعت الوزارة -وبشكل واضح- إلى استمرار العملية التعليمية حتى آخر يوم في العام الدراسي، وفق التقويم المعتمد، وقدمت عبر بدائلها دروس مراجعة وتقوية لجميع المناهج، وفي كل المراحل الدراسية.

فعليّا توافقت هذه القرارات مع معطيات المرحلة، وقدمت نموذجا مختلفا عما قُدم في دول عربية وأجنبية، وراعت بالدرجة الأولى الإجراءات الاحترازية التي اعتمدتها الدولة -حفظها الله- والتي تركز على التباعد الاجتماعي والعزل المنزلي، ومنع التجول والحفاظ على أبناء هذا الوطن وذويهم، كما أنها حققت الاستقرار النفسي للطلاب وأولياء أمورهم، وحفزتهم وشجعتهم للاستفادة من خيارات التعلم الإلكتروني المتنوعة التي تضمن استمرار التعلم، وزيادة المخزون العلمي والثقافي والمهاري، وفتحت أمامهم المجال لاستثمار الفترة المتبقية من العام الدراسي في مزيد من التعلم المقصود والذاتي، وإلى تحسين نواتج التعلم والتحصيل الدراسي خلال القنوات التعليمية المتاحة.

ويبرز هنا الدور المجتمعي المأمول للاستثمار الأمثل لكل تلك الجهود، ليتوافق مع النهاية السعيدة للعام الدراسي، والفرح والسرور الذي ارتسم على محيا كل طالب وطالبة في هذا الوطن المعطاء، وليكن هناك تواصل مستمر مع خيارات التعليم عن بعُد الذي أشار إليه وزير التعليم، كخيار إستراتيجي مستقبلي، وليس بديلا فقط يعتمد عليه عند وجود أزمة ما. فلنستعد للمرحلة القادمة، ولنستفد تماما من هذه المرحلة بكل ما فيها من تجارب وإنجازات.

شكرٌ وامتنان وعرفان لمقام خادم الحرمين الشريفين، وولي عهده الأمين، على ما يجده التعليم في وطننا العظيم من رعاية واهتمام ودعم، وشكرا لوزارة التعليم -وعلى رأسها الوزير الدكتور حمد آل الشيخ- ولقيادات الوزارة على هذا القرار الموفق الذي يحقق الراحة النفسية لطلابنا وطالباتنا ولأولياء أمورهم، ويحقق العدالة، ويعطي خيارات مرنة تسهم في استمرار التعلم والاستعداد للمستقبل.