قال سكان في مدينة اللاذقية الساحلية وجماعات حقوقية إن المدينة تعرضت للقصف بنيران الدبابات والسفن الحربية اليوم (الأحد 2011/8/14) مما أسفر عن مقتل 24 شخصا في هجوم بري وبحري للقوات السورية على المدينة لسحق الاحتجاجات الشعبية المناهضة لحكم الرئيس بشار الأسد.
وقال نشطاء في مجال حقوق الإنسان إن قوات الأسد تقتحم منذ بداية شهر رمضان في أول أغسطس المدن الكبرى وما يحيط بها من مناطق حيث تجتذب الاحتجاجات المطالبة بالحريات السياسية وإنهاء حكم عائلة الأسد الذي مضى عليه 41 عاما حشودا ذات أعداد أكبر.
وأفاد شاهد عيان لرويترز في مكالمة هاتفية من اللاذقية "يمكنني أن أرى شبح سفينتين رماديتين. إنهما تطلقان مدافعهما وتسقط القذائف في منطقتي الرمل الفلسطيني والشعب السكنيتين". وكانت الدبابات والمدرعات قد انتشرت في اللاذقية قبل 3 أشهر للقضاء على الاحتجاجات المناهضة للأسد في الأحياء التي تقطنها غالبية سنية بالمدينة.
وأضاف "هذا أعنف هجوم على اللاذقية منذ بدء الانتفاضة. أي فرد يطل برأسه من النافذة يخاطر بالتعرض لإطلاق النار عليه. يريدون القضاء على المظاهرات نهائيا".
وقال شاهد العيان أن 20 ألف شخص في المتوسط يتظاهرون يوميا للمطالبة بإنهاء حكم الأسد في مناطق مختلفة من المدينة بعد صلاة التراويح.
وقال اتحاد تنسيقيات الثورة السورية إن 32 مدنيا قتلوا اليوم الأحد. ومن بين القتلى 24 شخصا سقطوا في اللاذقية وحدها من بينهم طفلة في الثانية من عمرها تدعى علا الجبلاوي. ويأتي ذلك بعد مقتل 20 شخصا برصاص قوات الأمن خلال مظاهرات في أنحاء البلاد يوم الجمعة.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان أن أغلب القتلى والجرحى سقطوا بنيران الأسلحة الآلية التي استهدفت مناطق كثيفة السكان.
وقالت المنظمة في بيان إنه بعد إطلاق النار الكثيف وصلت قوات "الشبيحة" وهي الميلشيات الموالية للأسد إلى الميدان الرئيسي في الرمل الفلسطيني حيث كانت الحشود تتظاهر سلميا مطالبة بالحرية وسقوط النظام.
ونفت الوكالة العربية السورية للأنباء تعرض اللاذقية للهجوم من البحر وقالت إن شرطيين و4 مسلحين مجهولين قتلوا وقالت "ما يجري هو ملاحقة من قبل قوات حفظ النظام للمسلحين الذين يروعون الأهالي ويعتدون على الأملاك العامة والخاصة ويستخدمون الرشاشات والمتفجرات من خلف السواتر ومن على أسطح الأبنية."
وتلقى هجمات قوات الأمن السورية انتقادات دولية متزايدة. ونقل دبلوماسيون في نيويورك يوم الأربعاء عن نائب رئيس الشؤون السياسية للأمم المتحدة اوسكار فرنانديز تارانكو قوله إن قوات الأسد قتلت نحو 2000 مدني منذ مارس ومن بينهم 188 شخصا قتلوا منذ 31 يوليو و87 في يوم الثامن من اغسطس وحده.
ودعت منظمة المؤتمر الإسلامي التي تضم 57 عضوا أمس السبت إلى وقف فوري للحملة العسكرية على المحتجين. وكرر الرئيس الأمريكي باراك أوباما وخادم الحرمين الملك عبد الله بن عبدالعزيز مطالبتهما بوقف حملة القمع.
وقال البيت الأبيض إن أوباما تحدث اليوم مع رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون وأن الزعيمين طالبا أيضا بوقف فوري لهجمات القوات السورية على المحتجين المطالبين برحيل الأسد واتفقا على "التشاور بشأن مزيد من الخطوات في الأيام المقبلة". وقد تسفر المشاورات عن فرض مزيد من العقوبات على الأسد مع دعوة واشنطن لأوروبا والصين إلى بحث فرض عقوبات على صناعة النفط في سورية المصدر الرئيسي للعملة الصعبة للنظام الحاكم.
وطردت السلطات السورية معظم وسائل الإعلام المستقلة منذ بدء الانتفاضة الأمر الذي يصعب معه التحقق من الأحداث.
وقال سكان ودعاة لحقوق الإنسان إن قوات الأمن والشبيحة واصلوا حملة المداهمات من بيت إلى بيت اليوم الأحد في محافطة ادلب بشمال غرب البلاد على الحدود مع تركيا وسهل حوران مهد الانتفاضة بجنوب البلاد وضواحي دمشق وريف حماة التي ما زال الجيش يحاصرها.
وقالوا إن السلطات القت القبض على مئات الاشخاص ليضافوا الى ما لا يقل عن 12 ألف شخص اعتقلوا منذ بداية الانتفاضة والآف السجناء السياسيين المحتجزين في سورية من فترات سابقة.
وقال الأسد وهو من الأقلية العلوية في سورية بشكل متكرر إن بلاده تواجه مؤامرة خارجية لتقسيم الدولة التي يبلغ تعدادها 20 مليون نسمة. وتنحي السلطات باللائمة في العنف على "مجموعات إرهابية مسلحة" وتقول إن هذه الجماعات قتلت 500 شرطي وجندي.
لكن تصريحات الأسد لم يكن لها صدى يذكر على ما يبدو بين سكان اللاذقية وأغلبهم من السنة. ومثلما حدث في المدن الكبرى الأخرى في بقية أنحاء البلاد شجعت الأقلية الحاكمة العلويين على ترك مناطقهم الجبلية التقليدية والانتقال للعيش في اللاذقية وأغرتهم بالحصول على أراض رخيصة ووظائف في القطاع العام وأجهزة الأمن.
ولميناء اللاذقية أهمية كبيرة بالنسبة إلى هيمنة عائلة الأسد على الاقتصاد حيث كان الراحل جميل الأسد عم الرئيس بشار يسيطر فعليا على الميناء وتولى من بعده جيل جديد من أفراد العائلة وأصدقائهم السيطرة على المنشأة.
وكانت المظاهرات ضد حكم الأسد تستعر في أحياء تسكنها أغلبية سنية في اللاذقية مثل الصليبية في وسط المدينة والرمل الفلسطيني والشعب على شاطئها الجنوبي.
ويقول سكان إن الجنود تدعمهم الدبابات يحاصرون المنطقتين منذ شهور مع تراكم القمامة وانقطاع الكهرباء بشكل متواتر.
وفي مارس أصدرت شخصيات سورية معارضة وشخصيات من المجتمع المدني منهم عارف دليلة وهو خبيراقتصادي بارز من اللاذقية إعلانا ينددون فيه بالطائفية ويلتزمون بالتغيير الديمقراطي غير العنيف بعد اضطرابات شهدتها المدينة وكان للشبيحة دور فيها.
وحذر دليلة وهو علوي بشكل متكرر من استغلال السلطات للاذقية في إذكاء المخاوف الطائفية لدى العلويين من احتمال تعرضهم للانتقام في حالة فقدهم السلطة بدلا من التركيز على تحويل سورية إلى نظام ديمقراطي تتمتع فيه كل الطوائف بمعاملة متساوية بموجب دستور جديد.