كشفت وثائق رسمية صادرة عن مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، أن مواطنا تركيا مسلوب الحرية منذ 27 أبريل 2018، مسجون في إحدى السجون التركية، ضمن ما يزيد عن ربع مليون تركي تم إلغاء جوازات سفرهم بعد الانقلاب المزعوم في 15 يوليو 2016.

المواطن التركي هو مصطفى جيهان من مواليد 1974 ميلادية، كان يقيم في جورجيا منذ 2014، وهو رجل أعمال كان يملك ويدير شركة لبيع السيارات متزوج وله ابنان يقيم عادة في باتومي -جورجيا-، وهو المكان الذي تسكنه زوجته وابنيه حتى الآن.

بدأت القصة في يوم 20 أبريل 2017، بعد أن ألقت شرطة الحدود الأذربيجانية القبض على مصطفى جيهان، عند نقطة العبور الحدودية بين جورجيا وأذربيجان.

وعندما عبر جيهان الحدود إلى أذربيجان أبلغته الشرطة الأذربيجانية بأن جواز سفره غير صالح، وبعد أن ألقت القبض عليه وجهت السلطات الأذربيجانية إليه تهمة عبور الحدود بطريقة غير شرعية.

منذ الانقلاب المزعوم في تركيا وحتى أواخر عام 2017، ألغت تركيا جوازات سفر لأكثر من 234 ألف تركي، وتستمر حتى الآن، والنتائج المؤكدة بحسب تقارير الأمم المتحدة أن السلطات التركية جردت عشرات الآلاف من جنسياتهم، وترفض تركيا تقديم الخدمات القنصلية لهؤلاء، ولا يتم تسجيل المواليد ما أسفر عن ولادة أطفال عديمي الجنسية.

وكشف تقرير المفوضية بأن السلطات الأذربيجانية عاقبت مصطفى جيهان بقسوة لـ"دخوله غير القانوني"، وقد حكمت محكمة قازاخ في أذربيجان أبريل 2017، بالسجن لمدة سنة بحق جيهان.

وفي أبريل 2018 انتهت مدة العقوبة، لكن قبل ذلك كانت الحكومة التركية قد تقدمت بطلب تسليم مصطفى جيهان، متهمة جيهان بأنه ينتمي لمنظمة إرهابية، وكشفت تقارير المفوضية أن مصدر المعلومة يشير إلى أن الدليل ضد جيهان هو اشتراكه في صحيفة "زمان" التركية.

في المقابل خلال أبريل 2018 زوجة مصطفى خرجت عن صمتها وأطلقت حسابها في تويتر، ونشرت العديد من الدعوات للإفراج عن زوجها المختطف من أمام محاكم أذربيجان وتم تسليمه إلى تركيا في ظروف غامضة.

وكان مصطفى جيهان قد تقدم بطلب لشؤون اللاجئين في أذربيجان لحمايته، وكان تحت الحماية القانونية وطلبه صالح حتى 20 يونيو 2018، إلا أن هذه الحماية لا تكفي.

ومحكمة باكو في أذربيجان كانت قد قررت جلسة للنظر في الطلب التركي الرسمي لتسليم مصطفى جيهان، ونظرت المحكمة في الطلب يوم 26 أبريل 2018، وهي المحكمة المختصة في الجرائم الخطيرة.

المحكمة خلال الجلسة استقبلت جيهان للاستماع إلى حججه، وحضر كل من ممثل وزارة العدل الأذربيجانية ومكتب المدعي العام وممثل سفارة تركيا، وأصدر القاضي حكمه بعدم تسليم مصطفى إلى تركيا وحكم بالإفراج عنه فورًا.

جيهان غادر المحكمة حرًا وكان برفقة محاميه، وبينما هو خارج وفي تمام الساعة 12 ظهرًا في 26 أبريل 2018، اختطف عنوة من أمام المحكمة على يد مجموعة تتكون من 8 أشخاص من أجهزة المخابرات الأذربيجانية والدائرة الحكومية للهجرة في أذربيجان، مصطفى اختطف على سيارة من نوع رنج روفر أسود اللون يحمل لوحات 90 PR 665، هذا كل ما يعرفه محاميه.

وتواصل محامي جيهان مباشرة مع مكتب الأمم المتحدة طلباً للمساعدة ولكن دون جدوى، وزوجة مصطفى في باتومي جورجيا أبلغت بعد حادثة الاختطاف بـ4 ساعات تقريباً. ويشير تقرير الأمم المتحدة إلى أن مصدر المعلومات أعرب عن قلقه بأن السيد جيهان تعرض للتعذيب، وتلقى صدمات كهربائية مرتين أو ثلاثة حتى أغمي عليه.

وتم تصوير أبناء مصطفى في جورجيا في حافلة المدرسة وهُدد والدهم بأن أبناءه في خطر مالم يتعاون ويتخلى عن المقاومة ليذهب إلى المطار ويتم نقله إلى تركيا.

وذكرت وسائل إعلام تركية في 27 أبريل وهو اليوم التالي بأن المنظمة الدولية للشرطة الجنائية "الإنتربول" في باكو قامت بصورة غير قانونية وسرًا بنقل مصطفى جيهان إلى أسطنبول حيث وضع في السجن، وأكدت وسائل إعلام أذربيجانية عن الاختطاف في الوقت نفسه. وفي الـ18 من ديسمبر 2018 بدأت الحكاية تأخذ مسارًا جديًا لإنقاذ المواطن التركي بعد أن تعرض للاختطاف من أمام محكمة في أذربيجان.

وأحال الفريق المعني بالاحتجاز التعسفي بمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بلاغاً إلى حكومتي أذربيجان وتركيا بشأن مصطفى، وكان رد الدولتين ناقصاً إلى حدٍ كبير. ففي يوم 14 فبراير 2019، الحكومة الأذربيجانية طلبت تمديد الموعد النهائي للرد، وهو ما تحقق إذ تم تمديده إلى 18 مارس، وقبل الموعد النهائي بـ3 أيام ردت أذربيجان واعتبرت أن جيهان تمت محاكمته وفق الأنظمة، دون أن توضح موقفها من حكم إحدى محاكمها القاضي بالإفراج فوراً عن مصطفى ورفض طلب تركيا، وتعمدت أذربيجان -بحسب وصف التقرير- عدم ذكر أي تفاصيل عن الاختطاف في ردها على مفوضية حقوق الإنسان.

من جهتها ردت تركيا قبل أذربيجان بشهر، في رد جاهز اعتادت على إرساله، وقالت أن مصطفى ينتمي لمنظمة "فتح الله غولن" وعليه تهم بالإرهاب، دليل الحكومة التركية المقدم ضد جيهان، هو اشتراكه في صحيفة "زمان" اليومية واسعة الانتشار.