هذه المقالة تتحدث عن بعض الاحتياجات للتعامل مع الأزمات. وأود قبلها أن أشير إلى أنني اعتمدت في هذه السلسلة على عدد من المصادر، ولكن كان كتاب (إستراتيجيات التعامل مع الأزمات والكوارث: دراسة نظرية وتطبيقية) للدكتور رجب عبدالحميد. هو المصدر الأشمل والأفضل. ولذلك جاءت هذه المقالات على نفس التتابع والترتيب المعتمد من قبل الباحث نفسه.

ولذلك فإنه يرى أن من الضرورة بعد معرفة أهمية التخطيط لمواجهة الأزمات، أن تتم معرفة الاحتياجات الخاصة للتعامل مع هذه الأزمة أو تلك. ولذا فإنه يقول إن هناك أحد عشر مبدأً للتعامل مع أي أزمة طارئة: تبدأ بمبدأ تحديد الهدف وترتيب الأولويات، ثم مبدأ الحركة السريعة والمبادرة، ثم مبدأ تنظيم القوى المواجهة للأزمات، ثم مبدأ التعامل مع الأزمة بأسلوب المفاجأة، ثم يأتي بعدها مبدأ ضرورة تقبل الواقع الحالي واغتنام الفرص، والتي ينبني عليها مبدأ المشاركة والتعاون، مما سيخلق مبدأ الروح المعنوية المرتفعة التي تأتي كأحد أساسات التعامل مع الأزمات، ثم يأتي مبدأ المرونة ليشكل خطوة أساسية للتعامل مع الأزمات، وبعده يكون مبدأ السيطرة من قبل القيادة كضرورة لتجاوز أي أزمة، ثم المبدأ الذي يتحدث عنه أهمية حماية الأفراد وتأمينهم من الخوف الداخلي، ثم أخيراً يأتي مبدأ التفاوض المستمر مع أطراف الأزمة.

هذا ما يتعلق بالمبادئ الأولى للتعامل مع الظروف المصاحبة لأية أزمة، أما كيف نجهز نحن أنفسنا داخليا بكوننا مسؤولين عن قيادة منظمة ما، فإن هناك ثمانية أبعاد أساسية يجب الارتكاز عليها: الأول، تجهيز غرفة عمليات لإدارة الأزمة، تكون مؤمنة ويصعب اختراقها، وأيضا تكون مريحة من حيث الحجم والرؤية الشاملة للأحداث. ثانيا، تنظيم الاتصالات الخاصة بإدارة الأزمة، من خلال إيجاد نظام فعال للاتصال بين المستويات الإدارية المختلفة، مما يضمن تدفق الأوامر من الأعلى إلى الأسفل، وكذلك تدفق البيانات أفقيا على المستوى نفسه أو تصاعديا من الأسفل للأعلى. ثالثا، السيطرة على الإعلام المصاحب للأزمة، وهذا يعني أن يكون له جانبان، جانب إخباري ينقل النتائج للجمهور، وجانب توجيهي يكشف الآليات الواجبة للتعامل مع الأزمة للجمهور وللمستفيدين. رابعا، التغيير ما بين أدوات التأثير، وذلك بالتنويع فيما بينها، مرة تكون عبر اللقاءات الشخصية للمؤثرين في الأزمة، ومرة يتم عقد مؤتمر للتوضيح، ومرة تستخدم وسائل إعلامية للتهدئة، ومرة تقدم مكافآت وحوافز للجماهير. خامسا، تجهيز أدوات الصدام، في بعض الأزمات لا بد من الصدام، ولذلك فإن قيادة الأزمة قد تلجأ إلى أدوات صدامية لا بد منها، وذلك لسلامة الكيان ككل. سادسا، التنويع في استخدام أدوات الامتصاص للأزمة، فمرة يجب أن يكون هناك تجاوب مرحلي، ومرة يتم تشكيل لجان تبحث وتتحرى وتقترح الحلول، ومرة يتم إعلان كامل المسؤولية، ومرة تحويل الأزمة إلى اتجاهات أخرى، وغيرها من الأدوات التي يمكن بها مص الغضب الجماهيري. سابعا، بناء نظام معلوماتي للأزمة، من خلال سرعة الوصول إلى كافة البيانات الخاصة بالأزمة، وكذلك حماية تدفقها من مواقع الأحداث، وأيضا توفير كافة الإجابات التي يرغب فيها صاحب القرار أو مدير الأزمة أو أحد العاملين معه. ثامنا، وضع أدوات نقل وحركة تحت تصرف خلية الأزمة، من خلال توفير كافة وسائل النقل من سيارات وطائرات يضمن بها سرعة التحرك.


وهنا يخرج لنا تساؤل يتوجب علينا الإجابة عنه، هل للأزمات متطلبات إدارية تتيح لفريق إدارة الأزمة التعامل معها بكفاءة وفاعلية؟ والجواب، نعم. إذا كنت تدير أزمة فهناك ست طرق إدارية يتوجب عليك أن تعرفها وتحاول أن تتمكن منها: 1/‏ عليك أن تبسط الإجراءات التي يمكن لفريقك أن يتعامل بها مع الأزمة. 2/‏ عليك ألا تتعامل مع الأزمة بردود الفعل بل بالفعل، وهذا يوجب عليك أن تُخضع التعامل معها للمنهجية العلمية التي تقوم على التخطيط، والتنظيم، والتوجيه، والمتابعة. 3/‏ عليك أن توفر الوقت للحضور الدائم لموقع عمل الخلية، كما عليك أن تكون صاحب فهم كامل لأسباب الأزمة ودوافعها وأبعادها. 4/‏ عليك أن تكون شجاعا في تفويض السلطة للعاملين معك. 5/‏ عليك أن تفتح كافة القنوات التي تصلك بكافة الأطراف محل الأزمة. 6/‏ عليك أن تتواجد باستمرار في مواقع الأحداث الميدانية، إما بشكل سري من أجل أن تؤمن تدفق المعلومات لأصحاب القرار الأعلى منك، أو بشكل علني يحقق تأكيد الصدام مع الأطراف الأخرى ويرسل رسالة توضح رغبتك في إلحاقك أقصى الخسائر بطرف الأزمة الآخر.

حسناً، هذه هي أساسيات التعامل مع الأزمات، وهذه هي الإجراءات الإدارية التي يجب تعلمها وإتقانها في الأزمات. والسؤال هنا، ما طرق وخطوات التعامل مع الأزمة؟ وإجابة هذا التساؤل، هي مدار المقالة المقبلة بإذن الله.