تبدأ المرحلة الأولى قبل تعيينه في منصبه، إذ تراه كائنا طبيعيا يتواصل مع من حوله، وربما يكون هو المبادر، وأحيانا المزعج.

ثم بمجرد انتقاله إلى المرحلة الثانية بالتنصيب، إذ تجد المستحق للمكانة يستمر في علاقته بالناس وتواصله مع من حوله، من زملائه وأصدقائه والعموم، ولكن غير المستحق يصاب بالغرور ويلغي العلاقات.

وتمضي الأيام ويتم إعفاؤه لتبدأ المرحلة الثالثة، حيث عودته إلى مكانه الطبيعي، فتراه لا يستحي عمّا فعله خلال تعاليه على زملائه وأصدقائه، والأغرب في الأمر أن تراه ينقد المسؤولين وكأنه بريء منهم سابقا.


وهنا تكمن المشكلة وتبين الحقيقة، حتى صار عندي معيار سهل لمعرفة من يستحق الكرسي من عدمه، وهو مدى تغيره بعد التنصيب، فالذي يستمر في علاقاته وأخلاقه وآدابه، فهو المستحق الذي لم يكبره المنصب، بل هو الذي كبره بعقله وإنجازه.

وهناك من تم تعيينه في مناصب أعلى، ثم أعجب من دماثة أخلاقه حينما يبادرني بالاتصال، في حين أن آخرين أقل منه وإذ بهم تهربوا حتى حين، ثم يعودون بلا خجل ولا وجل بعد الاستغناء عنهم.

فأحدهم راسلته في شأن عام فأهمل الرد 6 أشهر، وبعد ساعات من إعفائه تذكرني فأجاب علي!، وآخر تغطرس حين تنصيبه، وبعد إعفائه يشكرني على بعض مقالاتي النقدية، وهو نفسه الذي كان يتضجّر منها حين كرسيّه.

وفرق بين من يرقى بالكرسي وبين من يرتقي به الكرسي.