أقاموا الأفراح والليالي الملاح من يأكلون خيرنا ويمدحون غيرنا، لأن ‏هذه الجائحة أثرت على بعض بنود الميزانية كما أوضح تصريح ‏وزير المالية على رؤوس الأشهاد، وبكل شفافية عن التوجه إلى ‏العمل على ترشيد الإنفاق واتخاذ الإجراءات الضرورية لسد العجز ‏المتوقع.‏

إن المبالغ التي أدت إلى بعض العجز لم تذهب لجيوب متنفذين، ولم ‏تصرف على مؤامرات ودسائس، بل صرفت في مصلحة البلاد ‏والعباد، نعم كلنا نتمنى أن تتواصل مسيرة الإنجازات على نفس ‏الوتيرة، ولكن لا بد مما ليس منه بد.‏

أما هؤلاء فهم حاسدون، ولو أشعلنا لهم أصابع اليد بدل الشموع، ولو ‏رسمنا على شفاههم البسمة بدل الدموع. ‏

إن قادتنا -حفظهم الله- ينظرون للأمور ببصيرتين، وهما بصيرة ‏العين وبصيرة العقل، وأضف إليهما بصيرة القلب، وهو الود الذي ‏يحمله الملك الحكيم سلمان بن عبدالعزيز للشعب، وعضده ولي العهد ‏المبدع الأمير محمد بن سلمان، فقد فضّلوا مصلحة المواطن وصحته ‏وكل مقيم على أرض الوطن -أيّا كان- على المصالح الأخرى، حتى ‏تطمئن القلوب وترتاح النفوس، ولو خيّرت أي إنسان بين صحَّته ‏وحياته وبين لقمة العيش رغم أهميتها لفضل حياته، على الرغم من ‏أن لقمة العيش لم تمس، إنما بعض الجوانب غير الملحة أجلت، ولَم ‏تلغ، وكلنا مسؤول، وسنقف لنحارب هذه الجائحة بكل أبعادها ‏الصحية والاقتصادية. ‏

هناك مؤشرات نراها مبشرة، فارتفاع سعر البترول، وما كتبته ‏‏«فورين بوليسي» قبل أربعة أيّام مما أدلى به البروفيسور جيسون ‏بوردوف مستشار الرئيس الأمريكي السابق أوباما لشؤون الطاقة، من ‏أن اقتصاد المملكة هو الوحيد الذي سيخرج من هذه الأزمة أقوى، ‏وبترولها سيكون سيد الساحة كما كان دائما، كل ذلك علامات على ‏طريق تجاوز الأزمة وقوة هذا الوطن واقتصاده مهما كانت الأزمات.‏

ونظرة سريعة على ما صرف في الربع الأول نجد أنه قد خصص ‏للصحة للتعامل مع كورونا مبلغ 62 مليار ريال، علما أن ميزانية ‏الصحة هذا العام هي أكبر ميزانية لها بالتاريخ، وهي أكثر من 75 ‏مليارا، كما خصصت وزارة المالية بأمر من الملك سلمان ومتابعة من ‏ولي العهد مبلغ 120 مليار ريال لدعم المنشآت الخاصة، وما قد ‏يترتب على الجائحة من تأثيرات جانبية تخص المواطن، أي أن ‏مجموع المبالغ المخصصة لمعالجة الجائحة حتى الآن، هو 182 ‏مليار ريال، ناهيك عن الإجراءات الأخرى التي ستكلف الميزانية ‏مبالغ إضافية.‏

نَكِنّ لكل إخواننا المسلمين والعرب، الحب والتقدير، وفرضنا على ‏أنفسنا واجبات برغبتنا وأخلاقنا. وهي الواجبات التي تحلل منها ‏أصحابها وهي معلقة في رقابهم، وتحملنا بصبر الحليم تجييش بعض ‏المرتزقة الذين لا نلومهم ولا نلوم من جيّشهم لأن هذا معدنهم. فاللوم ‏وحتى العتب حرام في «جثتهم» فهم لا يستحقونه.‏

أما الأصوات المخدوعة فنقول لهم قبل أن تنتقدوا انظروا إلى دولكم ‏ماذا فعلت في المواقف نفسها، أما البوربجندا وطق الحنك فلا «يأكل ‏عيش حاف مش عاد «بئلاوة» وبسبوسة».‏

ومن باب العلم بالشيء، أعطي مثالين على ذلك كنموذج لا أكثر، ‏حيث يعيش بين ظهرانينا أكثر من مليوني سوري من حوالي ستة ‏ملايين نازح خارج سورية، ومن فلسطين أكثر من مليوني نسمة، ‏علما أن سكان الضفة حوالي ثلاثة ملايين نسمة والقطاع حوالي ‏مليوني نسمة.‏

هذا الوطن وقياداته وشعبهم يتجاوزون عن كثير، وذلك من شيم ‏الكرام ودأبهم، وهنا حضرني بيتا شعر للمتنبي يقول فيهما:‏

لا يخدعنك من عدو دمعة** وارحم شبابك من عدو ترحم

لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى** حتى يراق على جوانبه الدم

ومن جهل فليعلم أن الوطن هو الحياة، والشعب هو الروح، وقادتنا هم ‏تاج رؤوسنا وكبارنا وحكماؤنا.‏