في صورة نشرتها «الوطن» قبل أيام، لمصور هاوٍ التقطها على طريق القصيم، تظهر لقطة علوية ساقطة على سطح مركبة دورية تابعة للقوة الخاصة بأمن الطرق، ويظهر بها مشهد يعد جديدا على أغلب المتابعين للصورة، وهي أن سطح المركبة من الخارج (التنده) كتب عليه بخط كبير جدا الرقم الموحد لمركز بلاغات القوة الخاصة بأمن الطرق 996.

الموضوع ببساطة حدث في أحد النقاشات على هذه الصورة، إذ قال أحدهم كيف تستطيع أن تثبت لي أن المقصود بالرقم هو 996 وليس 966، ومن هنا تبدأ (الفزلكة)، عن سبب رسم الرقم 6 والرقم 9 بهذا الشكل، وكيف أنه يقرأ على حسب مكان وقوفك بالنسبة للرقم في حال لم تعرف أعلاه من أسفله، وكيف أن رسومات الأحرف الإنجليزية تنسب للخوارزمي، وأنها ترسم حاليا بشكل معدل عن الأصل لها الذي يعتمد على عدد الزوايا في كل رقم، إلى آخر المعلومات التي لم يصل أطراف النقاش لاتفاق بشأنها.

المهم أن أحد أطراف النقاش، (وشكله مكثر في السمبوسة)، قال لنتصل على الرقمين 996 و966 ونرى على ماذا سيرد مركز البلاغات، وفي حال ردوا سنسألهم عن الرقم، فرد عليه زميله «نخاف نزعجهم»، وكأن هنا المشكلة، «فلماذا تسأله وهو قد رد على المكالمة»، وكنت أفكر أن أصرخ بكامل قدرتي في حال تم الرد من قبل الدوريات وأقول لهم أنقذوووني، لعلهم يأتون ويجدون أنني قدمت بلاغا كاذبا (وانحكم بأي مدة سجن لأنها ستكون أرحم لي من هذه الجلسة).

أطراف النقاش يحفظون الرقم الفعلي «لأمن الطرق» عن ظهر قلب، ويعلمون أنه 996، ولكن أي منهما عجز عن إثبات وجهة نظره للآخر، ومع تدخلي لفض النزاع أو رفع القضية إلى محكمة العدل الدولية (وكل واحد يأخذ حقه)، قلت «المسألة بسيطة بس انتوا مدوخين بعد الأكل»، بالتأكيد أن الرقم للأعلى، وانظروا أين يقع أعلى السيارة وهذا الإثبات كافٍ، ومن وضع الرقم بالتأكيد أنه يعي أن أعلى السيارة هو مقدمتها، فقاطعني أحدهما قائلا (أثبت) أن أعلى السيارة هو مقدمتها، وأصبحت طرفا ثالثا في النزاع، وأخذوا صورة من جواز سفري، ليقوموا بإصدار تأشيرة سفر لي إلى لاهاي في هولندا «وانتم أبخص ليه».

أنا متأكد أن المقال ممل والشعور يملأ ذهنك عزيزي القارئ بأنه لا داعي لكلمة واحدة منه، فلا حاجة لهذا النقاش التافه من أصله، ولا داعي لأن يكون به حتى طرف واحد فما بالك بمجموعة.

لكن السؤال: هل تذكرك «هذه الحوسة» وليس الحوار، بنتائج بعض المناقشات قبل حتى أن نبدأها، فكل منا يريد أن يثبت ما يراه، ويعتقد أن العالم ضيق جدا لدرجة أنه لا يمكن أن نراه إلا من خلال عدسة عينه فقط، والباقي «خطأ».