استبشر الوسط الرياضي خيراً منذ فترة ليست بعيدة بمبادرات فردية من أعضاء بمجلس الشورى الموقر تناولوا خلالها الهم الرياضي والشبابي في بلادنا، وهذه نقطة تحسب بالتأكيد لصالح المجلس بحكم أنه يضع هموم الشريحة الأكبر بالمجتمع السعودي في مقدمة اهتماماته، ويسعى للمساهمة في إيجاد أو دعم آليات مقترحة للحل، ووضع هذا الهم موضع اهتمام حقيقي بعيدا عن مجرد الأحاديث الإعلامية هنا وهناك، ويساعد في تشريع بعض القوانين التي تذهب في هذا الاتجاه، وكذا تنوير بعض الجهات بمكانة وقيمة الرياضة في حياة الشعوب المعاصرة، مما يزيد من الدعم الفعلي للرياضة والرياضيين السعوديين!

غير أن هذا التفاؤل ذهب أدراج الرياح مع مرور الوقت، وكثرة المداخلات القاصرة من البعض، ووقوعهم في كثير من المغالطات والنقص المعلوماتي والمعرفي بالرياضة المحلية والدولية، مما أوقعهم في حرج كبير أمام الرياضيين الذين كانوا يأملون برؤية وأفق قبل أن يكون دعماً ومؤازرة، لكن ما حدث مجرد أحاديث فقط، وركوب موجة النقد للنقد عن غير هدى، وضرب أمثلة ونماذج أكدت بعدهم، بُعد جزيرة سومطرة عن جزيرة فرسان عن الشأن الرياضي وتفاصيله، وبالتالي لا تعدو أحاديثهم تلك عن كونها لمجرد للاستهلاك الإعلامي لا غير، وإلا بالله عليكم، كيف لهذا العضو الموقر أن يضرب مثلا براتب مدرب المنتخب السعودي الأول لكرة القدم فرانك رايكارد ومقارنته براتب عشرة من الوزراء – على حد قوله – وكأنه لا يعلم أن راتب ليونيل ميسي في الشهر أكثر من مخصصات ملك إسبانيا السنوية من الميزانية بثلاثة أضعاف، وأن راتب ديفيد بيكهام في شهر يفوق مخصصات الرئيس الأميركي باراك أوباما في عام بخمسة أضعاف، وراتب واين روني الشهري يفوق مخصصات ملكة بريطانيا على قدرها ومكانتها التاريخية بثلاثة أضعاف، وراتب كريستيانو رونالدو الشهري يفوق مخصصات الرئيس البرتغالي عشرة أضعاف، ونماذج رياضية عالمية عدة ستطول القائمة لو استعرضناها هنا. وأجزم لو أن العضو الكريم تفهم هذه الفوارق لما أقحم نفسه في هذه المقارنة المحرجة له أمام من يملكون مثل هذه المعلومات، وما أكثرهم!!

كان عشم الرياضيين في المجلس المبجل أن يكون أداة تمحيص ودرس ونقاش جاد مبني على معلومات دقيقة، وأن يستعين ببعض الرياضيين من ذوي الخبرة والثقافة والمعرفة المتكاملة بالرياضة المحلية والدولية، وأن تتسع اهتماماته بالشأن الرياضي بصورة دورية لا أن يخضع للنتائج الآنية، وأن يسبر أغوار تردي الرياضة محلياً وانتعاشها بالجوار وبالدول البعيدة عنا. ولي أن أشير بهذه المناسبة إلى ذكر معلومة مؤداها أن ميزانية قطاع تنمية المجتمع والشباب بفرنسا تصل إلى 35 مليار يورو. وهذا الرقم الكبير تم اعتماده على الرغم من أن غالبية البنى التحتية للرياضة متوافرة بفرنسا منذ سنوات طويلة، وإن كان يلزمها بعض الملاعب حيث ستستضيف بطولة أمم أوروبا عام 2016.

نطمح كرياضيين سعوديين بدور فاعل ومؤثر من مجلس الشورى في سبيل الرقي بالرياضة السعودية بأشكالها المتعددة، وأن يسهم في توفير بيئة رياضية تليق باسم المملكة كواحدة من الدول الآسيوية الكبيرة ليس على مستوى لعبة كرة القدم وإنما في كثير من الرياضات وفي مقدمتها الفروسية وألعاب القوى، وألا تبقى عضوية المجلس مجرد (مكلمة) حسب تقلبات النتائج وعثراتها، ويضع نفسه بعيداً عن لعب دور الأفعال والتأثير المنشود.. هذا هو عشمنا!