الحمد لله على نعمة العزلة التي أوقفت لهُنيّة جبال المهام المتراكمة كالحفرة التي كلما أخذت منها كبرت ولم تصغر، وأنارت طريق القلب بعد أن هجع الناس كلهم في بيوتهم، وخيّم السكون على أرجاء المعمورة؛ فجعلته يُبصر جليًّا عِظم بحر النعم الزاخر الذي يرفل بين يديه، ولم يكن لولاها إلا ماشيا يتخبّط في دروب التيه، التي تجرّه إليها مفاتن الدنيا مهرولًا نسي ربما نفسه، وحقيقة أنه مسافر في هذه الدنيا قد قدِم ليقتات فحسب منها ما يكون زادا له في دار المعاد. فمن أصعبها حملا على الكاهل قد غدا؛ من شدة ما يحمله العاتق من مسؤولية تجاه أب يرعاه بكل حب وحنوّ وطيبٍ، ويبذل ماله في سبيله خالصًا لوجه الكريم؛ فما يسعى إلى مدحٍ وثناءٍ، وإنما يُطعِم ويبذل نفسه ولا يبتغي بذلك جزاءً ولا شكورًا، وأسهلها لفظًا على كل لسان نعمة: "أنا سعودي"! الحمد لله على نعمة الإسلام، والحمد لله على نعمة العروبة، والحمد لله على نعمة السعودية! بلد سطّر بأمجاد صنائعه -في أحلك ظروف علّه قاساها ونحسبها عارضة إن شاء الله، وستعود مياه كل سِيفٍ ورقعة فيه مضطربة هائجة تمور مورا إلى مستقرها حيث الهدأة والسكون عاجلًا غير آجل بلطف من لدن رب رحيم- ما سيكون لسان صدقٍ يُحكى ويُروى أبد الزمان على مرأى ممن كان ينهش فيها، ويهتك عرضها، ويحطّ من سموها وعلوها. لفظة "سعودي" الآن تعدل وزن الذهب عند كل من كان لا يقدّر قيمة السعودية! شكرا مليكنا مغلّفة بكل حب ولا تفي، شكرا قيادتنا الكريمة، شكرا أبطال الصحة، شكرا فرسان الأمن، وشكرا لأولئك الذين ما تفتأ أعينهم تسهر على الحدود تذود عن حمى الوطن، نعم لكم أنتم أيها الباسلون بشرى من لدن رب جواد بصون عيونكم من النار، فلا تمس النار عينا باتت تحرس في سبيله! شكرًا لكل مواطن أبدى حبه بـ"سمعا وطاعة" لهذه الدولة السخيّة، وصدح كبلبل يشدو شاكرا مستشعرا من أعماق قلبٍ يترنّم زهوًّا وفخرًا: "الحمد لله أنني سعودي" ولله المحامد كلها!