يتحدث الفلاسفة عن دور الفنون في صياغة معايير الجمال للمجتمعات الإنسانية. وقد جاء إيتيان سوريو (الفيلسوف الفرنسي) بتصنيف شامل للفنون، إذ قسمها إلى سبعة أنواع: عمارة، وموسيقى، ورسم، ونحت، وشعر، ورقص، وسينما. وتحت هذه الأقسام تندرج كافة الفنون الإنسانية.

ابتدأت بهذه المقدمة عزيزي القارئ، لأمرّ بك من خلالها، ثم أحدثك عن مشهدين حدثا في الأسابيع الماضية، حدثين يستحقان أن يتم التعليق عليهما، على الرغم من أن مواقع التواصل الاجتماعي لم تقصر في ذلك.

أما المشهد الأول فهو مشهد اللوحات الفنية الجميلة للفنانين السعوديين التي وضعها ولي العهد في مكاتبه الرسمية. وأما الخبر فهو خبر تحويل دار القلم للخط العربي إلى مركز الأمير محمد بن سلمان العالمي للخط العربي، والذي سيحتوي على متحف، ومعرض، ومعهد للخط العربي. إذ إنه سوف يتم تحويله إلى منصة احتواء عالمية لكل الخطاطين في العالم.

في علم القيادة توجد نظرية كبرى تسمى بنظرية القيادة التحويلية، وهي بشكل مبسط تعني: العمليات التي يشترك فيها القائد مع الآخرين، وبها يستطيع أن يكوّن روابط ترفع من مستوى الدافعية لدى الأتباع، لتوصلهم إلى أقصى قدراتهم الإبداعية، وذلك عبر تلبية القائد لحاجات تابعيه الدافعة بهم للإبداع.

ولو أعدنا النظر في واقع المجتمع السعودي ومؤسساته، ونظرته التي يراها للفنون قبل ظهور الأمير محمد بن سلمان على مسرح العمل السياسي في المملكة، لوجدنا أن النظرة للأعمال التشكيلية من رسم وخط وتشكيل، تعد نظرة قاصرة ومحدودة بشكل كبير، ولذلك تجد أن الدعم الذي يتلقاه الفرد العامل في هذا المجال يكاد يكون محدودا جدا، وكذلك فإن المؤسسات التي ترعى مثل هذه الشؤون هي مؤسسات فرعية لا تمتلك موارد ثابتة وقوية تدفع بالعاملين في هذا الإطار للتميز والإبداع، وبالتالي فإن وصول المواطن السعودي إلى الآفاق العربية، فضلا عن العالمية يكاد يكون أشبه بالأحلام التخيلية.

اليوم ومع الدعم الذي يقدمه الأمير محمد بن سلمان في سلوكه العظيم من خلال اعتزازه بأعمال مواطنيه، وافتخاره بها، وتعليقه لها في مقار أعماله، وكذلك عبر مسؤوليته كقائد لرؤية المملكة، من خلال إنشاء هيئات ومراكز ضخمة، تهتم بهذه الفنون، في اعتقادي أن هذين المتغيرين اللذين يمارسهما الأمير محمد بن سلمان، من الممكن تسميتهما بأنهما قيادة تحويلية لنظرة المواطنين السعوديين تجاه الأعمال الفنية الإبداعية، هذا الأمر بالتالي سيصنع لنا روادا سعوديين عظماء في الفنون البصرية من تشكيل ورسم وخط من أبناء هذه المملكة الرائدة.

أعتقد أنه لولا سلوك القائد (الأمير محمد بن سلمان) تجاه الأعمال الفنية لما رأينا تحولاً في نمط تفكير التابعين (المواطنين) تجاه هذا النوع من الأفكار الإبداعية الإنسانية، التي من الممكن أن تخلّد أصحابها عبر الزمن والتاريخ. ولذلك إن كنت عزيزي القارئ مهتما بنوع من الفنون، فأعتقد أنك سوف تشاهد في الفترات القادمة أعمالا فنية مدهشة في مدن المملكة المتنوعة، أعمالا كثيرا ما كنا نراها في صحف وإعلام بعض الدول العربية والغربية.

عزيزي القارئ، الفنون التشكيلية هي أيضا قوى ناعمة تمارسها الحكومات في جذب الزائرين إليها من كل الدول الأخرى. اللوفر في أبوظبي، ومعارض الخط العربي في إسطنبول أصدق مثالين على ذلك.