تتجلى في ظل الأزمة الصحية التي يعيشها العالم أجمع اليوم صور العطاء المتجرد والترابط الإنساني على مستوى الدول والمجتمعات والأفراد، ولا شك أن هذه الصور الإنسانية أكثر جلاءً ووضوحا في الدول والشعوب الإسلامية، كونها تنطلق في التعامل مع هذه الأوضاع من عقيدة راسخة وقيم أخلاقية إسلامية متجذره في ذهن ووجدان كل مسلم.

وهنا في المملكة العربية السعودية سعت هذه الدولة المباركة سبَّاقة لتوفير ما يحقق للإنسان صحته وسلامته تحت ظل توجيهات سيدي خادم الحرمين الشريفين -أيده الله- وبمتابعة مباشرة ومستمرة من سمو سيدي ولي العهد. حيث جعلت الحفاظ على ذلك الهدف الأسمى، ليشمل مواطني هذا البلد العظيم وقاصدي الحرمين الشريفين والمقيمين على أراضي المملكة مهما كانت جنسياتهم أو أعراقهم أو أديانهم، لتمتد أكف الضراعة بالدعاء لكل من وجّه وبذل وأشرف على ما قُدِّم.

فقد ضربت بلادنا أروع الأمثلة، في التأهب والاستعداد، لتسبق بخطوات معظم الدول في مواجهة الجائحة، حمانا الله منها جميعا، فكانت مثالاً يحتذى به في الحد من تفشي فيروس كورونا الجديد مع العمل على جميع الأصعدة فيما يخدم الوطن العزيز، فلا حرم الله قادتنا الأجر وجعل ما يتم تقديمه من جهود في موازين أعمالهم. وعندما يتعلق الأمر بأم القرى حاضنة أقدس بقاع الأرض، فإن الصورة تبدو أكثر تألقاً وإشراقاً فيها من غيرها، وتتكامل مع بقية مدن مملكة الإنسانية بتوجيهات القيادة الرشيدة أيدها الله لتقدم النموذج الأسمى للعالم، حيث أطلق الأمير خالد الفيصل مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة، حملة ״برّاً بمكة״ لمواجهة تأثيرات فيروس كورونا، ودعم الأسر وأصحاب الأعمال الميدانية الصغيرة المتأثرة بالإجراءات الاحترازية لمنع تفشي الفيروس، وكذلك ذوي الإعاقة في المنطقة، بما يعزز روح التكافل والتعاون في مجتمعنا، وهذه المبادرة المميزة ليست غريبة على الأمير خالد الفيصل الذي طالما قدم أفكاراً ورؤىً مبدعةً لخدمة منطقة مكة المكرمة وساكنيها، مثل مبادرة ״كيف نكون قدوة؟״ وغيرها.


وها هي حملة ״برّاً بمكة״ تضيف إلى سجل الأعمال الإنسانية الخلاقة مبادرةً جديدةً بعد أن وافق سموه الكريم على إطلاق برنامج إفطار مليون صائم، وذلك بالتعاون مع جمعيتي حفظ النعمة ونفع الخيرية بالمنطقة، وبمتابعة من لجنة السقاية والرفادة بإمارة منطقة مكة المكرمة، لتواصل انطلاقتها القوية وتحفز كثيرا من الجهات والأفراد للإسهام في هذه الملحمة الخيرية، ودعم القطاع الخيري لتقديم لمزيد من الأعمال والمبادرات، لا سيما في المرحلة الحالية، وما تشهده من تداعيات لفيروس كورونا الجديد على جميع فئات المجتمع وخاصةً التي تستهدفها الحملة. كما أن وزارة الحج والعمرة والجهات التابعة لها من مؤسسات أرباب طوائف وشركات حجاج داخل وشركات عمرة ونقابة السيارات ومكاتب الوكلاء والأدلاء والزمازمة تشارك بفاعلية لإنجاح هذه المبادرة المباركة بالتعاون مع مختلف الجهات العامة والأمنية والخاصة قيامًا بواجبها الوطني والانساني للحد من آثار هذه الجائحة.

لقد أتت هذه الحملة المباركة دعماً لمجتمع مكة الكرمة نتيجةً للتدابير الاحترازية التي اتخذتها قيادتنا الحكيمة لمحاربة فيروس كورونا. نسأل الله تعالى أن يحظى هذا البرنامج بالاهتمام اللازم من جميع الجهات المعنية ليحقق مقاصده السامية، كما ندعوه جل وعلا أن يحفظ لنا قيادتنا الرشيدة، ويرفع عنا وعن جميع المسلمين هذه الجائحة، وأن يتقبل منا جميعًا صيامنا وقيامنا ويجعل مقدم العيد مقدم خير علينا وعلى بلادنا المباركة.

* نائب وزير الحج والعمرة