شهد تويتر أمس واحدة من أكثر لياليه إثارة وحماسا من مختلف الفئات، فقد بدأت المسألة بمسابقة لاختيار الصورة الأجمل من بين صورتين، لتتحول المسابقة لما يشبه الرموز الاجتماعية أو الحزبية، وفي هذا الصدد أوضح الباحث الاجتماعي الدكتور عبدالله القرني، أن التصويت تحول إلى نمط من التعصب غير المحمود، حيث تغير من تقييم للمشاركة بموضوعية وفق القناعة بجودة المحتوى، إلى انغلاق على الذات وعدم تقبل الآخرين، وذلك بالتصويت وفق الجنس أو غيره بغض النظر عن أي سبب آخر.

التعصب

أضاف القرني قد يكون ذلك لدوافع اجتماعية تقنية، وأهم دافع منها التقليد وهو تعصب الفرد أو الجماعة لرأي فرد معين دون الآخر، بسبب قناعات بما يملك ذلك الفرد الذي تم تقليده من مكانة اجتماعية أو لمدى شهرته على الشبكات الاجتماعية أو لعدد متابعيه الكبير، مشيرا إلى أن بروز هذه الظاهرة -وإن لم تصل لحد الظاهرة بعد- يعزز من الانغلاق والتحيز للجنس أو القبيلة أو جماعة معينة.


الجماعات

أبان أن الأفراد يتميزون بحاجتين متعارضتين، تتحكمان في سلوكهم ومشاركاتهم بمثل تلك المسابقات على الشبكات الاجتماعية، الأولى هي العلاقة بين فهم المشارك لنفسه وحاجته لاستيعاب وإدراك ما يعرض، وتقديم رأيه المحض وفق قناعاته المجردة، والثانية هي إحساسه بوجوب العضوية لجماعة والاندماج معها والرغبة في الانتماء، ولو كان بتقديم رأي لم يقتنع به مسايرة للجماعة، سواء كانت تلك الجماعة مشاهير أو مؤثرين أو من نفس الجنس أو القبيلة، وهو ما يتم بالتصويت لمن لا يستحق في هذه الحالة وهو ما يحقق التعصب.

المسابقات

أوضح أن هنالك عاملين لإنشاء تلك المسابقات على الشبكات الاجتماعية، الأول يطلق عليه الحداثة والتفرد، وهو ما يتضمن الأفكار والاهتمامات بكل ما هو حديث، ويمثل بصفة عامة إشباع المحتوى الرقمي بالمفيد، والذي كان يهدف له من إنشاء تلك المسابقات أو المشاركة فيها، أما العامل الآخر فهو المشاركة الاجتماعية، والذي يتضمن التفاعل مع تلك المسابقات، بالتالي الحصول على الإشباعات الاجتماعية المهمة كإبراز المواهب والإبداعات، وتلقي التقدير عليها من الآخرين والفوز في المسابقة، بالإضافة إلى عامل الترفيه الذي يناله المشاركون الآخرون من خلال التصويت.

الترفيه عن النفس

أوضحت الأخصائية النفسية والمستشارة الأسرية الدكتورة هنادي أبو رحيلة، أن مع هذه المسابقة انقسمت أهواء الناس، كل حسب بواعثه النفسية، فمنهم من صب روح العدوان بطاقة انفعالية هجومية، وكان لا بد له من متنفس فاتخذ موضوع المسابقة ملجأ لتفريغ شحنة الغضب والعدوان، ومنهم من وجدها كبش فداء لتوجيه التوبيخ والإهانات لتفريغ الشحنات المكبوتة، وآخرون بداخلهم معاناة وشقاء ومتاعب نفسية فكانت المسابقة الملاذ المريح لتغير هذا الألم النفسي بقليل من الفكاهة والترفيه عن النفس، وفئة أخرى رأت أنها تفاهة ولا تستحق أن يعار لها أي اهتمام، لأن تويتر بيئة مناسبة للنقاشات الجدية.

وأكدت أن تداول الفكاهة والأمور اللطيفة مختلف عن التفاهة لما فيها من سخرية للعقول وتبلد للفكر، فقد قيل إن الإنسان يحتاج إلى وجود الفكاهة في حياته لتجعل الحياة متوازنة وتهدئ من اجترار الأفكار، لأن طبيعة البشر تحتاج إلى الموازنة بين المزاح والجد.

وفي لفتة لطيفة ختمت أبو رحيلة «مبروك لمرزوقة والتي كان لها نصيب من اسمها ورزقت بالفوز».

المسابقات الرقمية:

- تتضمن الأفكار والاهتمامات بكل ما هو حديث

- تشبع المحتوى الرقمي بالمفيد

- إبراز المواهب والإبداعات

- الحصول على التفاعل