في عهد سيدي خادم الحرمين الشريفين وبمتابعة سيدي ولي العهد حفظهم الله، وتنفيذ وزير العدل ورئيس المجلس الأعلى للقضاء (الوزير المُنجز) إن صح تسميته .. مازال التطوير بالمرافق القضائية ومخرجات الأحكام القضائية مستمرا. وفي هذا الصدد أود أن أتطرق لإلغاء عقوبة الحكم بالتعزير. شرع الله عز وجل عقوبات مقدرة على جميع الجرائم المخلة بالأمة من حفظ الدين والنفس والعرض والعقل والمال، وشرع من أجل ذلك حدودا زاجرة، لتنعم الأمة بالأمن والطمأنينة، ولهذه الحدود شروط وضوابط قد لا تثبت، وهنا يجب على الحاكم أن يستغل سلطته التقديرية لتحقيق المصلحة ودفع المفسدة، وهو الحكم بالعقوبة التعزيرية، ونجد التعزير يكون على كل معصية لأحد فيها ولا قصاص ولا كفارة، ومن ارتكب جناية لا حد فيها ثم جاء تائبا نادما فإنه لا يعزر.

قال الله تعالى (والذين عملوا السيئات ثم تابوا من بعدها وآمنوا إن ربك من بعدها لغفور رحيم) الأعراف 153، ونجد أن العقوبة التعزيرية غير مقدرة وللحاكم أن يختار العقوبة التي تناسب الجاني والجرم الذي ارتكبه، بشرط ألا تخرج عما أمر الله به أو نهى الله عنه. وعند تعيين العقوبة التعزيرية المناسبة وتقديرها يجب على الحاكم أن يراعي جميع الظروف المخففة أو المشددة وبوجه خاص درجة المسؤولية والبواعث على الجريمة، وخطورة الفعل وجسامة الضرر وخطورة شخصية الجاني، ومركزه وسوابقه الجنائية وسائر الظروف، التي اكتنفت الواقعة. جاء قرار رئيس المجلس الأعلى للقضاء حفظه الله ورعاه، بعد دراسة مقدمة من قبل الهيئة العامة للمحكمة العليا موجها للمحاكم بإلغاء عقوبة الجلد التعزيرية، والاكتفاء بعقوبتي السجن والغرامة أو الاثنين مع، أو عقوبة بديلة بحسب ما يصدره ولي الأمر من أنظمة وقرارات بالشأن ذاته.

أيدت هذا القرار بشدة لأنه أرى فيه عقوبات تعزيرية بديلة، وحينها نجد أن العقوبات التعزيرية ليست حصرا على السجن أو الجلد، فالقاضي له سلطة تقديرية بأن يحكم بأي عقوبة تعزيرية يراها مناسبة لتحقيق المصلحة ودفع المفسدة عن العباد والبلاد، ما لم يرد نص شرعي أو نظامي صريح لعقوبة جرم بعينه.