قالوا تسافر؟ قلت مليت الأســـفار

لأهل السفر غاية وأنا غايتي غير

قالوا تصيف؟ قلت في دار الأخيار

مصيفي أبها منزل العز والخير

أهيم مع رقصة سحابة إلى ثار

وان هبت النسمة وغرد لها الطير

أن تكون أبها وجهة سياحية عالمية ومصيفا يقصده المصطافون من أنحاء المملكة والخليج يقتضي حتما أن يكون استقبال أبها مختلفا، وصيفها مختلفا، وكل ما فيها مختلفا. الكرم في عسير صفة عربية أصيلة، وخُلُق حث عليه الدين الإسلامي الحنيف، ولا يقتصر الكرم على تقديم الأكل، وذبح الذبائح للضيف، فهذا جزء مهم من الكرم الذي لا يكتمل إلا بطلاقة الوجه، والترحيب بالضيوف بعبارات رنانة تدل على البهجة والفرح بقدومهم، كما يبادلهم الضيف أو الضيوف بنفس الشعور، وبعبارات الشكر والدعاء لهم على كرمهم، وقد يكون الترحيب بالضيف والتعبير عن السعادة بقدومه لدى الضيف أهم مما يقدمه له من أكل،

يقول المتنبي: لا خَيْلَ عِندَكَ تُهْديهَا وَلا مالُ... فَليُسْعِدِ النُّطْقُ إنْ لم تُسعِدِ الحالُ

ويقول آخر: فليس من الإكرام تكثير مأكلٍ.. إذا لم يقدم قبله سعة الصدر

وجه بشوش وابتسامة معجب.. فهذا مع هذه مكملة القدر

الثقافة الشعبية ذاكرة المكان والزمان واللسان «والزمان له مكان والحنين له بلد»، وعسير بلد هذا الحنين، استقبال أول طائرة تنزل مطار أبها بعد الحظر خير مثال على كرم وأصالة أهالي عسير واعتزازهم بموروثهم الشعبي، حيث تمثل الرقصات والعرضات الشعبية، سمة من موروث قبائل عسير، ولذلك يتوارثها الشباب أبا عن جد، وتمارس هذه الرقصات بمختلف أنواعها في الأعياد وفي مناسبات الأفراح، وحتى في الصلح بين القبائل باعتبارها طقسا شعبيا يتشرف به الضيوف لدى القدوم على القبيلة الأخرى، فترتفع أصواتهم مرددين كلمات يكيلون فيها المديح أو الترحيب.

إن الموروث الشعبي «رأسمال رمزي» وتغييبه هدر لرأسمال إنساني وطاقة يفتقر إليها كثير من الثقافات.

من هنا نفهم الصياغة الرائعة لـ«باتريك دولابان»: «إن الشعوب التي ليس لها أساطير، تموت من البرد».

ويؤكد ذلك رأي الدكتورة مها السنان، مستشار في التراث والفنون، حيث ترى أن الفنون التقليدية، سواء كانت فنون أداء مثل الرقصات التقليدية أو الأهازيج، أو المرويات من أساطير وقصص، جزء مهم لأي شعب أو حضارة، تتفاخر الأمم بها وتتصدر مشهدها الثقافي والسياحي، وقالت «يكفي أن نعلم أن اليونيسكو وضعت قائمة للتراث العالمي غير المادي الذي يتضمن مثل هذه الممارسات»، مشيرة إلى أن عددا من الدول سارعت لتسجيل عناصر متنوعة مثل اليابان والصين وكوريا، نظرا لأنها تقوم على حضارة عميقة وثقافة مميزة، كما عملت خلال عقود على حصر وتوثيق تراثها غير المادي من فنون تقليدية أدائية ومروية وممارسات وعادات، كما سهلت وضع قوائم الحصر والتوثيق وإعداد تلك الملفات وتدوين تاريخهم وتراثهم، مبينة أنها أصبحت لاحقا من الممارسات المميزة التي تستهدف السائح لتلك الدول، حيث يجد عروضا ذات جودة عالية يتعرف من خلالها على تراث وثقافة تلك الدول، بعيدا عن الشكل المعاصر الذي تحولت إليه مدنهم!

نطمح في عسير لأن نكون وجهة سياحية من الدرجة الأولى، يعيش السائح فيها تجربة فريدة، يجد المعاصر والحديث، ويتلمس في الوقت ذاته ويتذوق ثقافة مختلفة تماما، بصريا وحسيا، ممزوجة بالطبيعة الخلابة والسياحة الآمنة، ولذلك فلم يأت اختيار أبها عاصمة للسياحة العربية 2017 من فراغ، بل اعتمد على ما تتميز به هذه المدينة من مقومات سياحية رائعة وفق ضوابط السياحة العالمية، لذلك تطل منطقة عسير في وقتنا الحالي بصورة رائعة وجذابة، وقد اكتست ثوبا جميلا وحلة زاهية بمتابعة حثيثة ومستمرة من لدن الأمير تركي بن طلال، الذي تمكن في فترة وجيزة من تنفيذ كثير من المنجزات السياحية الرائعة، والتي تحقق ما نصبو إليه كأهالي منطقة وكسائحين من داخل البلد، نعم نريد بلدنا ونريد سياحة آمنة ونريد هويتنا الوطنية بتراثها وأصالتها، لله درك يا أميرنا المتفاني في إبراز كل أوجه الجمال والأصالة والعراقة في منطقة عسير لجذب المواطن والسائح، وتذليل سبل الراحة والسعادة لتغيير الوجهة نحو السياحة الداخلية، خاصة في الظروف التي يعيشها العالم اليوم.

شكرا لله أولا على ما حبانا من نعم أقلها أننا سعوديون، وملكنا سلمان، وولي عهده الأمين محمد، وأميرنا تركي في عسير.

ومرحبا ألف هي صيف عسير.