في حين ازداد الجدل حول إيقاف عقار هيدروكسي كلوروكين من قبل بعض وزارات الصحة في العالم بناء على توصيات من منظمة الصحة العالمية التي اتهمها البعض بأنها تتحمل مسؤولية زيادة الحالات الحرجة والوفيات بالمرض خلال الأسبوعين الماضيين، فسر أستاذ مساعد في قسم الأحياء الدقيقة والطفيليات الطبية بكلية الطب بجامعة جازان الدكتور عبدالعزيز الحازمي لـ»الوطن» الأسباب وراء ازدياد الحالات الحرجة في المملكة قائلا إن هذا الأمر يعود ربما لطبيعة المنحنى الوبائي فإذا كانت الحالات مرتفعة في منتصف ونهاية مايو، فمن الطبيعي أن ترتفع الحالات الحرجة والوفيات في هذه الأيام، أما الأمر الآخر فيعود للأفراد ذوي المناعة المنخفضة من كبار السن ومن يعانون من أمراض مزمنة.

اختلاف بروتوكولات العلاج

أوضح الحازمي أن تطور الأعراض لدى بعض الأشخاص يكون أسرع من الآخرين لعدة عوامل منها القدرة المناعية. وأضاف أن زيادة الحالات الحرجة لم تكن في المملكة فحسب بل في بعض دول الخليج المجاورة ومصر، رغم اختلاف بروتوكولات العلاج، وهذا ربما يعود لطبيعة المنحنى الوبائي وكذلك الاستجابة المناعية لدى البعض.

جدل هيدروكسي كلوروكين

نشر عدد من الأطباء عبر صفحاتهم في موقع «تويتر» تغريدات تشير إلى إيقاف إعطاء الحالات الحرجة المصابة بفيروس كورونا الجديد عقار هيدروكسي كلوروكين، مدعين أن إيقاف العقار جاء بناء على توصيات من منظمة الصحة العالمية وبناء على دراسات نشرت إحداها في مجلة «ذي لانست» العلمية التي سحبت دراستها التي ادعت أن تناول هذا العقار يزيد من الوفيات، وهو الأمر الذي تبين أنه غير دقيق ما دعا إلى سحب هذه الدراسة واستئناف استخدام العقار.

تغير بروتوكول العلاج في السعودية

ذكرت وزارة الصحة في أحد منشوراتها سابقا أن تغيير البروتوكولات في السعودية أمر وارد وفقا للمستجدات. وأضافت أن إجراءات المنع نتيجة أبحاث ومعرفة. وذكر البعض أن الوزارة أوقفت العمل بالبروتوكول العلاجي الأمر الذي نتج عنه زيادة في الحالات الحرجة وكذلك الوفيات، وذلك بناء على توصيات من منظمة الصحة العالمية، إلا أن وزارة الصحة لم تشر إلى هذا الأمر لا من قريب ولا من بعيد، واكتفت بالقول إن ارتفاع الحالات كان بسبب الممارسات غير المنضبطة من قبل المجتمع.

دراسة مسحوبة

بعد نشر دراسة بحثية في مجلة «لانست» العلمية تقول إن عقار هيدروكسي كلوروكين، الذي يستخدم في علاج الملاريا، يزيد احتمال الوفاة عند تناوله كعلاج لفيروس كورونا، بعض المخاوف بشأن دقة بيانات الدراسة دفعت باحثين إلى سحبها.

وقال ثلاثة من الباحثين القائمين على الدراسة إنه لم يعد في مقدورهم الدفاع عن دقتها، لأن شركة «سيرجيسفير» التي تقف وراء بيانات الدراسة، لم تسمح بعمل مراجعة مستقلة لتلك البيانات.

وكانت منظمة الصحة العالمية استندت إلى ما قالته الدراسة، وعلقت بدورها ما تجريه من اختبارات حول فعالية عقار الهيدروكسي كلوروكين في علاج «كوفيد - 19». لكن قادة، من بينهم الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، لا يزالون يدافعون عن جدوى العقار في علاج المرض الناشي عن فيروس كورونا. وقال رئيس شركة سيرجيسفير، سابان ديساي، رابع الباحثين القائمين على الدراسة، لصحيفة «الجارديان» إنه مستعد للسماح بعمل مراجعة مستقلة، لكنه أضاف أن إتاحة البيانات من شأنها «المجازفة باتفاقيات أبرمت مع عملاء وبما يتطلبه ذلك من سرية».

ماذا قالت الدراسة

نشرت دورية «لانست» الطبية الشهر الماضي مقالا عن بحث أُجري على 96 ألفا من المصابين بفيروس كورونا في 671 مستشفى حول العالم. وأُعطي نحو 15 ألفا من المصابين عقار الهيدروكسي كلوروكين، أو تركيبات دوائية تحتوي على الكلوروكين - وحده أو مضافا إليه مضاد حيوي.

ووجدت الدراسة أن العقار لم يُظهر أي فعالية في علاج فيروس كورونا، وإنما زاد خطورة تعرُّض المرضى لاضطرابات قلبية وللوفاة.

وقال ثلاثة من فريق البحث، في بيان، إنهم حاولوا الدفع صوب عمل مراجعة مستقلة لبيانات الدراسة، لكن شركة سيرجيسفير التي تقف وراء تلك البيانات رفضت التعاون.

وجاء في البيان: «نعتذر بشدة إلى أسرة تحرير الدورية، وإلى قُرّائها عن أي حرج أو إزعاج يمكن أن يكون قد وقع».

أدلة فعالية العقار

تعرب جماعة الباحثين عن قلقها من استخدام أمثال تلك العقارات في علاج فيروس كورونا. ويعتبر عقار الهيدروكسي كلوروكين آمنا في علاج الملاريا، وأمراض أخرى كالذئبة والتهاب المفاصل، لكن حتى الآن، لم توصِ أي تجارب إكلينيكية باستخدامه في علاج كوفيد - 19.

تجربة إكلينيكة واحدة في جامعة مينيسوتا وجدت أن عقار الهيدروكسي كلوروكين ليس له أية فعالية في الوقاية من فيروس كورونا.

وفي الثالث من يونيو الجاري، قالت منظمة الصحة العالمية إنها ستستأنف تجاربها على فعالية عقار هيدروكسي كلوروكين في علاج الفيروس بعدما كانت قد توقفت الشهر الماضي.

وتجرى أبحاث أخرى في هذا الصدد في بلدان متفرقة بينها المملكة المتحدة، والولايات المتحدة، والسنغال. وفي مارس الماضي، منحت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية ترخيصا بـ «الاستخدام في حالة الطوارئ» لعقار الهيدروكسي كلوروكين مع عدد محدود من مرضى المستشفيات. لكنها استدركت في الشهر التالي وأصدرت تحذيرا من استخدام العقار بعد تقارير أفادت بتسببه في مشاكل قلبية مع بعض المرضى.