ماذا لو أن لاعبا قديما ومعتزلا، ما زال يطارد الكرة في الملاعب، مستأثرا بقيادة ناديه ومنتخب بلاده، ورافضا فكرة أنها راحت عليه؟

ماذا سيقول الجمهور في هذه الحالة، أو في حالات مماثلة؟ هل سيمتنع عن قول الحقيقة وإن كانت قاسية؟ أم أنه سيراعي مشاعر اللاعب الكبير ويجامله بتحقيق رغبته، وتصديق كذبته؟

إلى حد ما، نستطيع قياس موهبة الغناء على الموهبة الرياضية. فكلاهما يحتكم بالضرورة إلى عمر افتراضي لا بد أن يحين موعده، شئنا أم أبينا.

وإني على يقين تام، أن غالبية عشاق كرة القدم في العالم، لا يمكن أن يرفضوا فكرة استمرار مارادونا لاعبا إلى اليوم، ولكن دون أن يفقد شيئا من لياقته ومرونة ذهنه وعضلاته وسحره، أيام الصبا. الشرط الذي لو لم يكن مستحيلا لما انتهت قصته الأسطورية، ولما أصبح مدربا في دوري عربي.

وفيما صروف الدهر لا تستثني أحدا، يبدو الغناء في وطننا العربي موهبة استثنائية لا تموت إلا بموت صاحبها.

لا أحد من نجوم هذا الفن الجميل، يريد أن يقتنع في الوقت المناسب بانتهاء زمنه. وموعد هبوط الطائرة. بل إن عودة المطربين المعتزلين إلى الغناء من جديد باتت أشبه بالظاهرة.

اعتزل المطرب الكويتي الرائع مصطفى أحمد، وعاد ليصحح أوضاع الأغنية العربية كما يقول، بألبوم أصدره قبل عامين، كان في أحسن تقدير بمثابة الندبة التي شوهت تجربته ونالت من وجهها الجميل.

وردة الغناء العربي، هي الأخرى قطعت هدوء اعتزالها، وانسجام جمهورها الكبير مع أعمالها وتاريخها الفني الملهم، معلنة العودة إلى "ملاعب الغناء" وغنت مؤخرا "زمن ما هو زماني" كدويتو لطيف مع الفنان عبادي الجوهر، فما كان من لياقة صوتها إلا أن خانتها وخذلتها، في زمن ليس زمانها، لتحطم "الوردة" قلوب عشاقها بعودتها للغناء، على نحو أشبه بسقوط نجم كرة قدم لسبب لياقي بعد أن "راحت عليه"، أمام ملايين المحبين!