يمر الشخص بكثير من المشاكل والصعوبات التي تولّد العديد من الضغوطات النفسية والتي يستطيع الشخص التخلص منها باستعانة بإخصائي أو طبيب نفسي، لكن يخشى الكثير من مراجعة الطبيب النفسي بل ويتهرب من ذلك حتى وإن كان في أمس الحاجة، فنظرات المجتمع وثقافة العيب تلاحق مرتادي الطب النفسي، وهذا الأمر جعل كثيرا من العائلات لا تعترف بإصابة أي فرد من أفراد عائلتهم بمرض نفسي، وأصبحوا يفضلون أن يطلق عليه شخص ممسوس أو مسحور، فضلًا عن أي يوصف بأنه مريض نفسي. ما زال حتى وقتنا الحالي كثير من الأشخاص يرى أن كل من يتردد على العيادات النفسية شخص مجنون يجب الحذر منه والابتعاد عنه، فالخوف والخجل من اللجوء للعلاج النفسي لا يزال واسع الانتشار في مجتمعنا.

نظرة قاصرة

ذكر رئيس الفريق العلاجي بمركز الرعاية اللاحقة بمجمع إرادة بالرياض الدكتور عبدالله الوايلي أن نظرة المجتمع ما زالت تتركز حول ثقافة العيب والخوف من كلام الناس فهي نظرة قاصرة مستمدة من البيئة الاجتماعية والثقافة السلبية السائدة التي تقود في النهاية إلى اتجاه سلبي مبني على ثلاث مكونات رئيسية، تتمثل في المكون الأول، وهو الاعتقاد الخطأ بأن المريض لن يُشفى من مرضه حتى وإن تعالج، بينما المكون الثاني، يتركز على الجانب العاطفي، حيث إن أفراد الأُسرة يشعرون بالحرج والقلق والخوف من استهزاء وسخرية الآخرين بابنهم المصاب، في حين أن المكون الثالث، يرتبط مباشرة بالسلوك الإرادي من خلال الاستجابة المباشرة لسلوكيات الآخرين نحو المريض من خلال التجنب وعدم التقبل، وربما التنمر أحيانًا.

مشاعر الأسر

أبان الوايلي أن الأسر التي يوجد لديها مريض نفسي ربما يشعر بعض أفرادها، إن لم يكن الكل، بمشاعر الذنب وعقدة النقص والخجل والخوف من نظرة الآخرين، وبالتالي ينعكس على مريضهم النفسي بشكل مباشر وغير مباشر، وذلك عندما يشعرون تجاهه بالتذمر واللامبالاة وعدم التقبل، وهذه النظرة السلبية والدونية والسوداوية تؤثر على التماسك والتفاعل الأُسري وتخلق نوعا من التنافر والمشاحنات في العلاقات الأسرية، وهذا الأمر بالتأكيد ينعكس على حالة المريض ويؤخر من عملية التدخل المبكر علاجه. ولعل الشواهد على ذلك كثيرة، حيث إن هناك بعض الأسر تنكر وجود مريض نفسي من أفرادها باعتباره وصمة عار في الأسرة ومن ثم يخجلون من إقامة علاقات اجتماعية ممتدة فيعانون من الانطوائية والقلق والتوتر وأحيانًا الاكتئاب لأنهم يفضلون الانعزال في منازلهم خوفًا من مواجهة المجتمع ووصمة العار، وإن هذا الاتجاه السلبي والنظرة الدونية متأصلة في المجتمعات النامية، حيث تسيطر عليهم ثقافة العيب والسخرية وهي ثقافة عقيمة تُنتج الجهل والمرض.

الوعي

أما شهد، 25 سنة، فقالت: «نحن الآن في 2020 من الصادم وجود أشخاص ما زالوا محتفظين بهذه الصورة عن العلاج النفسي ومن يستعين فيه»، كما ذكرت أن الصحة النفسية جزء مهم من الصحة العامة للإنسان ولا بد من عدم إهمالها، وأفصحت أنها لا تخجل من التصريح بمراجعتها طبيبا نفسيا، بل هذا يعكس مدى وعيها وثقتها بنفسها.

قريبون

أصدر المركز الوطني لتعزيز الصحة النفسية تطبيق «قريبون» والذي يمثل مكتبة متكاملة تحتوي معلومات لا حصر لها عن الصحة النفسية بأشكال متعددة من نصوص ومقاطع فيديو وغيرها، كما يحتوي التطبيق خدمة الاستشارات النفسية والتي يشرف عليها طاقم متخصص.

مواجهة المشكلة

أشار الوايلي إلى أن المشكلة تعالج بالمواجهة، حيث يجب أن يعلم الأفراد وتعلم الأُسر في المجتمع الواحد أن المجال العلاجي تطور، وأن كل التخصصات العلاجية تقوم على دراسات وأبحاث دائمة ومستمرة، وهذا يعني اتساع مجالات المعرفة، وأن التخصصات الطبية والنفسية والاجتماعية تعتمد إلى حد كبير على الاستفادة من المعلومات والمهارات النظرية والتطبيقية بهدف زيادة كفاءة الخدمة النفسية الطبية التي تقدم للمرضى النفسيين، وخاصة في جوانب التقييم والتوجيه والتأهيل والإرشاد والتشخيص والعلاج. ومن هذا المنطلق فإن نسبة شفاء المرضى النفسيين أصبحت مرتفعة جدا مقارنة بالسابق، كما أن نسبة الشفاء لا ترتفع نهائيا إلا بالتفاعل الأسري والاجتماعي، لأن العلاج النفسي يرتكز على ثلاثة أضلاع أساسية مترابطة متداخلة وتعمل جنبا إلى جنب للوصول إلى الهدف المنشود، حيث إن هذه الأضلاع الثلاثة تتحدد في (المريض، الأُسرة، المعالج).

3 مكونات للثقافة السلبية عن الطب النفسي

الاعتقاد الخطـأ بأن المريض لن يُشفى من مرضه حتى وإن تعالج

شعور الأُسرة بالحرج والقلق والخوف من استهزاء وسخرية الآخرين بابنهم المصاب

السلوك الإرادي من خلال الاستجابة المباشرة لسلوكيات الآخرين نحو المريض من خلال التجنب وعدم التقبل وربما التنمر أحيانا

الأضلاع الأساسية للمريض

الأسرة

المعالج

المريض نفسه