أتين إلى المملكة من بلاد يزيد عددها عن المليار نسمة بحثا عن الرزق، يحملن ثقافات ومعتقدات مختلفة، يتوجسن خيفة من المسلمين، فصورة المسلمين لديهن كانت مشوهة وحاضرة بقوة في أذهانهن، فهم من وجهة نظرهن أناس غلاظ القلوب لا تعرف الرحمة طريقا إلى قلوبهم.

تسلمن عملهن في مستشفى الولادة في جدة، ظللن في حالة ترقب لما يدور حولهن، يسمعن صوتا يتردد في أكثر من مكان خمس مرات في اليوم والليلة، يحسسن بميل كبير تجاهه، لكنهن يغفلنه.

ترددن كثيرا في اعتناق الإسلام بعد مخالطة زميلاتهن ومراجعات المستشفى، لكن الله أتم نعمته عليهن بدخولهن فيه، فلم تكن تتخيل كل من "نيتا" و"مادتينا و"لجورش" ثلاث مقيمات من الجنسية الصينية أن يأتي يوم، ويصمن رمضان. بل ويتناولهن وجبة الإفطار أثناء مناوبتهن في العمل.

يؤكدن في حديثهن إلى "الوطن" أنهن أحسسن بتغير جذري في حياتهن، يشعرن بسعادة لم يكن يعرفنها سابقا، فتسترجع "نيتا" ذكرياتها مع بداية تفكيرها في الدخول في الإسلام، مشيرة إلى أنها تفكر كل يوم بعد عودتها من العمل في الأمر.

وأوضحت أن رؤيتها للطبيبات وهن يؤدين الصلوات أثّر في وجدانها، وكذلك تعامل بعض المراجعات للمستشفى معها، خاصة إذا عرفن أنها غير مسلمة، حيث كانت تخشى أن تلقى عنتا منهن، مضيفة: "حسن معاملتهن جذبني أكثر للإسلام".

من جهتها، تشير "لجورش" التي أصبح اسمها "شريفة" إلى أنها سمعت صوت أذان العشاء في أول يوم قدمت فيه إلى المملكة، مضيفة: "جذبني هذا الصوت، حتى سرت قشعريرة في جسدي"، مشيرة إلى أنها كانت تتساءل عن مصدره وطبيعته، وتقول "كنت أستغرب حينما أجد إحدى الأمهات تسجد شكرا لله بعد فقدانها لمولودها ولم تظهر ألما، وأتساءل عن السر في ذلك".

وقالت شريفة إن إدارة المستشفى دعمتها للوصول إلى غايتها، وأمدتها بجميع المطويات والكتيبات بلغتها كي تتعرف أكثر على الدين، مؤكدة أن الإسلام قد طهر روحها، فأداؤها للصلاة ومواظبتها على الصيام أسعدها كثيرا، مبينة أن أكثر ما يسعدها في رمضان هو تناول الطعام مع العاملين في المستشفى من دون تفرقة بين طبيبة وعاملة.

أما "ماديتنا" فتقول إن أهلها انصرفوا عنها حينما علموا بإسلامها، فلم يتجاوبوا مع اتصالاتها، أو يردوا على خطاباتها، مؤكدة أنها لن تترك الإسلام حتى لو فقدت حياتها بسببه. وعن قصة إسلامها تقول إنها دهشت كثيرا لمشاهدتها المرأة العربية المسلمة تتنقب، وكانت تظن أنها تختبئ خلف حجابها لشيء ما، ثم حاولت الاستعلام عن سبب ذلك، مضيفة: "ساعدتني إحدى زميلاتي بإعطائي بعض الكتيبات عن تعاليم الإسلام، واصطحبتني إلى المكتب التعاوني للدعوة والإرشاد وتوعية الجاليات بجدة، حيث تعرفت أكثر على الإسلام ومن ثم أعلنت إسلامي".

من جهته، أكد مدير العلاقات العامة بالمستشفى حميد المالكي أن إدارة المستشفى تدعم المكتبة الخاصة بعدد من الكتب الإسلامية، مشيرا إلى توفر كتيبات بلغات عدة للتعريف بالإسلام، مما ساعد في دخول أربع من منسوبات المستشفى الوافدات إلى الإسلام.