شكلت أسراب الجراد على الدوام تهديداً حقيقياً وجدياً للنباتات وغذاء الإنسان، حتى أن البنك الدولي وافق في 21 مايو الماضي على تخصيص 500 مليون دولار على شكل منح وقروض منخفضة الفائدة لمساعدة دول في إفريقيا والشرق الأوسط على مكافحة أسراب الجراد الصحراوي التي غزت تلك البلدان بكثرة، وهددت نحو 23 دولة في شرق إفريقيا والشرق الأوسط وجنوب آسيا، وذلك في أكبر انتشار لتلك الأسراب منذ 70 عاماً.

وهددت أسراب الجراد إمدادات الغذاء في بلدان شرق إفريقيا، حيث يواجه 23 مليون شخص نقصا في الغذاء. لكن الخطر الداهم يمكن أن يتحول إلى فائدة اقتصادية، إذا ما أُخذ بالتجربة الباكستانية في تحويل الجراد إلى علف للدواجن، وهو ما يمكن أن يتم اعتماده في المملكة، بما يسهم في تخفيض كلفة أعلاف الدواجن، وبالتالي يخفض قيمة مبيع الداوجن التي تشكل أحد مصادر الغذاء الرئيسية في المملكة.

جمع الجراد


في باكستان، أطلق مشروع ريادي في مقاطعة البنجاب، يحصل القرويون بموجبه على أموال لجمع الجراد الذي تم تجفيفه وتقطيعه وإضافته إلى علف الدواجن.

ويتعلم القرويون طريقة اصطياد الجراد في منطقة أوكارا في البنجاب، حيث لم يستخدم المزارعون أي مبيدات حشرية تجعل الجراد غير مناسب للاستهلاك.

في الليل، يتجمع الجراد على الأشجار والنباتات، ما يجعله سهل المنال لأنه يكون هامدا في ظل درجات حرارة منخفضة حتى تبدأ الشمس في الشروق.

وللحصول على مكافأة قدرها 20 روبية (12 سنتا) لكل كيلوغرام من الجراد، عمل السكان المحليون طوال الليل لجمعها.

تعويض الخسائر

قالت إحدى المزارعات التي فقدت كل محاصيلها بسبب الحشرات إنها حصلت مع ابنها على 1600 روبية (10 دولارات) خلال رحلة واحدة لجمع الجراد ما ساعدها على تعويض الخسائر المالية.

وجهد منظمو المبادرة في البداية لإقناع المزارعين بالانضمام إليهم، لكن بحلول الليلة الثالثة، انضم إلى الحملة مئات المزارعين حاملين الأكياس لملئها بالحشرات.

ومع وجود 20 طنا من الجراد الذي تم اصطياده، نفدت الأموال من السلطات وتم إيقاف البرنامج مؤقتا.

استثمار

أرسل الجراد الذي تم اصطياده إلى أكبر منتج لأعلاف الحيوانات في باكستان الذي استبدل 10% من نسبة فول الصويا في طعام الدجاج بالحشرات، وبعد تجربة المنتج المعدل على 500 دجاجة لم تكن هناك مشكلة في الأعلاف.

وفي حين أن المشروع ليس حلا لتعويض الدمار الذي يسببه الجراد في المحاصيل، فإنه يمكن أن يوفر للمزارعين المتضررين تدفقات جديدة من الإيرادات ويخفف الضغط على السلطات التي تكافح من أجل توزيع المبيدات التي تقضي على الجراد.

دعوة للمساعدة

في فبراير الماضي غزت أسراب الجراد شرق إفريقيا، في نهايته ظهرت أسراب جديدة في السعودية والبحرين والكويت وقطر وإيران.

وتنادى العالم لتقديم المساعدات لدول شرق إفريقيا المتضررة، حيث يعد الجراد الصحراوي أكثر آفات النباتات المهاجرة تدميراً في العالم، ويمكن لسرب صغير يغطي مساحة كيلومتر واحد أن يضم 40 مليون جرادة ويأكل في يوم واحد كمية الطعام نفسها التي يستهلكها 35 ألف شخص.

ودعت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) إلى تمويل عاجل بقيمة 138 مليون دولار أمريكي لمساعدة البلدان المتضررة، ونشرت 15 خبير جراد وغيرهم من الموظفين لدعم الحكومات في مراقبة وتنسيق أنشطة مكافحة الجراد، وتقديم المشورة الفنية وشراء اللوازم والمعدات للعمليات الجوية والبرية.

ويتضمن مبلغ الـ 138 مليون دولار الذي تدعو الفاو إلى جمعه تخصيص أكثر من 60 مليون دولار للحد من انتشار الآفة، وأكثر من 67 مليون دولار لحماية سبل العيش وتعزيز التعافي المبكر، وقرابة 10 ملايين دولار لتعزيز التنسيق الإقليمي وحالات التأهب.

عوامل الانتشار

يشرح رئيس شعبة الطوارئ والتأهيل في الفاو، دومينيك بيرجون، أسباب انتشار أسراب الجراد، ويربطها بالمناخ، ويفصلها زمنياً، ويقول «حدث إعصاران في المحيط الهندي في مايو وأكتوبر 2018، ما تسبب برطوبة عالية وصلت إلى الربع الخالي في المملكة، وهي منطقة غير مأهولة، وقد انتعش الجراد هناك وتكاثر بكثرة».

وأضاف «انتقل الجراد جنوبا وشمالا، وعندما وصل إلى اليمن جنوبا وجد بيئة خصبة -كالرطوبة- لوضع البيض. وعند موسم الجفاف في اليمن انتقل في يونيو 2019 إلى شمال شرق إثيوبيا وشمال الصومال».

وأكمل «كل ذلك كان في الإطار العادي المقبل، لكن المشكلة أنه في 7 ديسمبر 2019 حدث إعصار كبير وصل إلى مناطق إثيوبيا والصومال حيث يعيش الجراد، وهو ما خلق ظروفا مناسبة للجراد كي يتكاثر مجددا، وفي 28 ديسمبر 2019 اجتاح الجراد كينيا وتأثرت مناطق كثيرة فيها».