أكد اقتصاديون أن البنوك المحلية تعاني ندرة الخبرات ذات الكفاءة العالية لإدارة المخاطر والعمليات الائتمانية، بالإضافة إلى أنها تعاني في الوقت ذاته من ضعف مفهوم إدارة تلك المخاطر في الاقتصاد المحلي، بسبب غياب التشريعات والأنظمة المحددة لمختلف الممارسات المهنية للتقييم والتصنيف الائتماني.

وأشار هؤلاء في حديثهم إلى "الوطن" إلى أن هذه المعطيات تعد من التحديات التي يواجهها القطاع الخاص بالدرجة الأولى، والقطاع الحكومي بالدرجة الثانية لبناء علاقات أكثر متانة وثقة وأمانا بين المؤسسات التمويلية من جهة، وبين مؤسسات ومنشآت القطاع الخاص من جهة أخرى.

و قال عضو جمعية الاقتصاد السعودية عبدالحميد العمري في حديثه إلى "الوطن" :"يمثل نقص ترسّخ مفهوم إدارة المخاطر في اقتصادنا المحلي واحداً من أكثر المخاطر القائمة، ويتمثل هذا النقص بصورةٍ عملية في غياب التشريعات والأنظمة المحددة والمُنظمة لمختلف الممارسات المهنية للتقييم والتصنيف الائتماني".

وأضاف العمري:"المؤسسات المهنية المحترفة التي تضطلع بدورها في ممارسة عمليات التقييم والتصنيف، وتحديد مستويات المخاطر وفقاً للدورات الاقتصادية والمالية المتقلبة باستمرار لطبيعتها لات مارس أعمالها في المملكة بالصورة المأمولة".

وأشار العمري إلى أن تلك المسببات ساهمت في رفع مستوى التحديات التي يواجهها القطاع الخاص بالدرجة الأولى، والقطاع الحكومي بالدرجة الثانية، مما ساهم في صعوبة بناء علاقات أكثر متانة وثقة وأمانا بين المؤسسات التمويلية من جهة، و مؤسسات ومنشآت القطاع الخاص من جهة أخرى وقال"خاصةً المنشآت المتوسطة والصغيرة الحجم التي بالكاد تحصّل على القليل جداً من احتياجاتها التمويلية، مما أضعف دورها و كفاءة مساهمتها كقطاع خاص في النمو الاقتصادي وتوسيع قاعدته الإنتاجية وتنوعها على حدٍ سواء".

وبيّن العمري أن الفجوات المعلوماتية من خلال ندرة المعلومات وموثوقيتها أثرت سلباً في بناء كثير من القرارات الاستثمارية، مضيفا "مما أدّى إما إلى التورّط في كثير من المشاريع الاستثمارية الفاشلة التي انتهت بالإفلاس والتوقّف عن العمل، أو إلى تفويت كثير من الفرص الاستثمارية المجدية التي كان من الممكن أن يساهم نجاح تأسيسها في خلق فرص العمل".

وشدد على ضرورة التفاف والتحام الجهود الكفيلة بتأسيس وتطوير مختلف إطارات هذه المهن وتفرعاتها، بدءاً من الإطار التشريعي والتنظيمي، مروراً بتطوير البرامج الأكاديمية والتأهيلية المتخصصة، بالإضافة إلى الاستعانة بالدول المتقدمة في هذه الصناعة والاستفادة من تجاربها والخبرات الكبيرة التي تمتلكها للبدء من مستويات أكثر تقدماً.

بدوره أكد الخبير الاقتصادي الدكتور عبدالرحمن السلطان في حديثه إلى "الوطن" أن وجود الخبراء السعوديين في إدارة المخاطر والائتمان في البنوك مطلب أساسي وضروري في بنوك المملكة كافة وشركات القطاع الخاص، لضخامة حجم الاستيعاب في السوق المحلي

وأضاف السلطان: "المشكلة الكبرى التي تواجه البنوك العالمية و المحلية هي تجاهل إدارات البنوك للمخاطر التي تشير لها إدارات المخاطر حيث إن عمليات التسويق تطغى على عمليات الحذر من المخاطر الموجودة في السوق وبالتالي تتعرض البنوك إلى الأزمات المالية".

وتابع السلطان: "أن الخبرات ذات الكفاءة العالية لا بد أن تصنع داخل المصارف وتلقى تدريباً مستمراً للمنافسة في أسواق الائتمان".

عن ندرة الشركات الاستشارية لدراسات الجدوى والاكتفاء بالشركات الخارجية قال السلطان: "السبب الرئيسي لندرة الشركات الاستشارية في المملكة لتقديم دراسات الجدوى الاقتصادية للمشاريع الصغيرة والمشاريع الصناعية الكبيرة يعود إلى محدودية العائد من هذه الدراسات، وبعض الشركات عندما تقدم طلبا لدراسة جدوى مشروع من خلال أحد المكاتب الاستشارية يتم ذلك كعملية شكليه فقط لكونها متطلبات لحصول على قرض من البنك أو الحصول على قرض من صندوق التنمية الصناعي وتجد صاحب المشروع لديه قناعة معينة عن تكلفة المشروع ولن تتغير بموجب دراسة الجدوى".

من جانبه قال الخبير الاقتصادي عبدالمحسن البدر في حديث إلى "الوطن" :"إن المشكلة ليست ندرة الخبراء في إدارة المخاطر والائتمان في البنوك بل ندرة أصحاب الكفاءة العالية في تلك الإدارات البنكية"، مضيفا "البنوك والشركات في حاجة إلى الكم والنوع لتتوافق مع المتغيرات في الأسواق العالمية والمالية خصوصاً في العمليات البنكية".

عن ندرة الشركات الاستشارية لدراسات الجدوى والاكتفاء بالشركات الخارجية قال البدر: "إن دراسات الجدوى تعتبر دراسات استراتيجية والمخاطرة جزء من دراسة الجدوى، فالشركات الخارجية التي تقدم دراسات جدوى تتفوق على الشركات المحلية، لأنها دخلت في تجارب كثيرة حول العالم في تطوير دراسات الجدوى الاقتصادية والدقيقة"، متوقعاً دوراً أكبر للشركات الاستشارية خلال الـ 5 سنوات المقبلة في ظل التنامي السريع للاقتصاد المحلي والتوسع في المشاريع الصناعية.