فيما أكد أستاذ النقد الأدبي في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في الرياض الدكتور علي الحمود، أن البيانات الإحصائية للأعمال الإبداعية السعودية، تشير إلى أن إجمالي المجموعات القصصية القصيرة في السعودية، تعادل الكتب الروائية السعودية، وأن كثيرا من الأعمال الروائية هي بمثابة سير ذاتية للمؤلف، لوح إلى أن المسابقات الأدبية الشعرية «الحالية»، ليست محضة فنياً، وإنما دخل فيها التصويت «الاقتراع» في صورة المسابقات، ولم يكن ذلك يتناسب مع طبيعة النقد.

وأبدى الحمود أسفه، وهو يتحدث، أمس، في محاضرة ثقافية بعنوان: «النقد الأدبي»، عبر الاتصال المرئي «الافتراضي» في نادي الأحساء الأدبي، أدارتها الأستاذ المساعد في البلاغة والنقد في جامعة حائل الدكتورة عائشة الشمري، لمحدودية المقررات الدراسية المتخصصة في (المشهد النقدي في السعودية) لدرجتي البكالوريوس والدراسات العليا في الجامعات السعودية، باستثناء تخصيص جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية لمقرر دراسي في «النقد السعودي» في مرحلة الماجستير، وأثمر ذلك في إعداد مجموعة بحوث لطلاب وطالبات الجامعة، داعياً الجامعات السعودية إلى الالتفات كثيراً لذلك، مشيراً إلى أن هناك نصوصا نقدية كثيرة تفوقت على النصوص الأدبية في كثير من الجوانب الأدبية، حتى باتت هذه النصوص النقدية، كنصوص موازية للأعمال الإبداعية «الأدبية»، تولت جوانب في التفسير والتحليل للنص «الإبداعي» الأدبي.

أبان أن علاقة المبدع بالناقد في النقد السعودي الحديث، يسودها الود في كثير من الجوانب، وأن كثيرا من الكتّاب يدفعون بدواوينهم الشعرية، ورواياتهم ومجموعاتهم القصصية «إنتاجهم الإبداعي» إلى ناقد أو كاتب كبير ليقدمه له، حتى أنه برزت المقدمات بصورة كبيرة في الأدب السعودي، مستشهداً في ذلك براوية «ثمن التضحية»، التي اشتملت على مقدمتين اثنتين، مضيفاً أن الأعمال الروائية، نالت نصيباً في النقد السعودي من خلال الإقبال على قراءتها وكتابتها وترجمتها إلى عدة لغات وطباعتها عدة مرات، وهي الأكثر استقطاباً في البحوث والندوات والمؤتمرات في جامعاتنا وغيرها، مشدداً على ضرورة الاستفادة من علم (اجتماع الأدب) في الأعمال الإبداعية، وذلك بدراسة الظواهر الاجتماعية، وربط الأدب بالجنس والبيئة والزمان، إذ إن الأدب السعودي بحاجة إلى موضوعات جديدة في هذا الجانب.

قال: إن «الحداثة» هي الظاهرة والقضية الأبرز في المشهد النقدي السعودي، إذ يركز نقد منهج الحداثة من خلال الاتجاه إلى النص، وبدأت بالشكلانية والنقد الجديد والبنيوية والأسلوبية والسيميائية والتداولية والشعرية، وهذا المنهج يتجاهل ويتجاوز المضمون، وهذه المناهج فيها من الإيجابيات وعليها من العيوب، مبيناً أن «الحداثة» تسعى إلى الخروج عن المألوف والتعقيد والخروج عن الثوابت، بيد أن الدين ووحدة الوطن هما ثابتان مرفوض الخروج عنها، وكذلك الاعتماد على أن النص بناء مفتوح قابل لتعدد القراءات، ومن أبرز ظواهر «الحداثة» في النقد السعودي (حداثة فكرية وأخرى شكلية) تمثل في قصيدة النثر، إذ أن البعض وصفها بالخروج عن التراث. واستهل الحمود الأمسية، بالإشارة إلى أن هناك انقطاعاً وانفصالاً كبيرين بين النقد الأدبي القديم والحديث، ويجب عدم الفصل بينهما باعتبارهما، كتلة واحدة مترابطة فيما بينها، موضحاً أن النقد مصاحب للأدب في مختلف مراحله، وأن ازدهار الأدب يصاحبه ازدهار في النقد، وأن النقد يسهم في تطوير الأدب، لافتاً إلى أن علاقة النقد بالإبداع، شهدت تحولات كثيرة، مستشهداً في ذلك بالمقولة الشهيرة: «لولا شعر الفرزدق لضاع ثلث لغة العرب»، لافتاً إلى أن الشعر مصدره الإلهام، وأن كثيرا من القراء والنقاد حالياً شغوفون بربط النص بصاحبه واقعياً، وأن الأدب كلما ابتعد عن الواقع اكتسب ميزة، مضيفاً أن النقد العربي القديم لم يقرأ حتى يومنا هذا، وأن تراثنا النقدي غني جداً، ويحتاج إلى قراءة لإخراج مكنوناته التي نحن بحاجة إليها في هذا الوقت.

أوضح أن النقد الحديث، بدأ بعد انفصال العلوم عن الفلسفة، إذ إن العلوم خرجت من رحم الفلسفة، وبات كل علم مستقل بذاته، وأن النقد اللغوي الحديث هو السائد، ومعظم المناهج تسمى مناهج نصية أو لغوية أو لسانية، وأن مناهج النقد تهدف لتجاوز الأحكام الذاتية، والتوجه إلى الموضوعية والعناية بشخصية الأدباء، وتطبيق القواعد العلمية على الأدب، مضيفاً أن المنهج النقدي النفسي، ينتقل من الأديب إلى النص وصلته بالسرد في مجالات كثيرة جداً لتعليل ظواهر معينة عند الأدباء السعوديين في مختلف الاتجاهات.