والهشاشة النفسية من المصطلحات الحديثة في علم النفس وتُعرّف بأنها شكل من أشكال الاضطراب النفسي، وهي عبارة عن حالة من الرقّة المبالغ فيها وسرعة الانكسار في مواجهة التحديات المختلفة، فالشخص الذي يعاني من الهشاشة النفسية يرى معظم التحديات تهديدًا وليست جزءًا من حياته، ويعتبرها استثناءات تحتاج لإجراءات استثنائية وتقتضي التوتر والخوف، ولا يعي الأشخاص من هذا النوع أن الحياة اختبار، لا سعادة كاملة فيها ولا راحة؛ وبالتالي فإن هذه الحالة الشعورية تجعله يؤمن بأن مشاكله أكبر من قدرته على التحمّل؛ وبالتالي يشعر بالانهيار ويظل حبيس الأفكار السلبية، التي يعطيها أكبر من حجمها الحقيقي مما يزيد من الإنهاك والضغط النفسي عليه.
ومن الأعراض التي تدل على هشاشة الفرد النفسية ارتفاع نسبة القلق والتوتر، والانفعال بشكل مبالغ فيه كالبكاء بسهولة، عدا عن ضعف الثقة بالنفس وانخفاض تقدير الذات، فيشعر الفرد بأنه أقل من الآخرين وغير قادر على القيام بواجباته المختلفة مع حاجته الدائمة إلى الدعم من شخص آخر يتعلق به ويمدّه بالطاقة النفسية. كما يفقد اللذة أو المتعة بعد إنجاز أي عمل أو نجاح. ومن الأعراض الجسدية للهشاشة النفسية الغصة في الحلق، والضيق في الصدر، وارتفاع سرعة ضربات القلب واضطراب الأمعاء، كذلك الشعور بالتعب الجسدي العام، والإنهاك عند القيام بالمهام البسيطة في المنزل أو العمل. وإحدى نتائج هشاشتنا النفسية هي أننا نقوم أحياناً بتضخيم أي مشكلة تظهر في حياتنا إلى درجة تصويرها في عملية تسمى في علم النفس بـ pain Catastrophizing ككارثة وجودية، هذه العملية هي عبارة عن حالة شعورية تعتريك عند وقوعك في مشكلة ما، تجعلك تؤمن بأن مشكلتك أكبر من قدرتك على التحمل، فتشعر بالعجز والانهيار عند وقوع المشكلة وتظل تصفها بألفاظ سلبية مبالغ فيها لا تساوي حجمها في الحقيقة، وإنما هي أوصاف زائدة لا وجود لها إلا في مخيلتك، فيزيد ألمك وتتعاظم معاناتك، ثم ماذا؟! ثم تغرق في الشعور بالتحطم الروحي والإنهاك النفسي الكامل، وتحس بالضياع وفقدان القدرة على المقاومة تمامًا، وتستسلم لألمك وتنهار حياتك كلها بسبب هذه المشكلة. ومن أهم المهارات التي لا بد من فهمها ومحاولة اكتسابها لمعالجة أغلب الاضطرابات النفسية -ومنها الهشاشة-، هي الصمود النفسي، الذي يعرّف بأنه: «سرعة وفاعلية التعافي بعد التعرّض للمشاقّ أو الضغوط النفسية أو الصدمة والشدة».
كما أن «العودة إلى مستويات النشاط النفسي والانفعالي والمعرفي التي كان عليها الشخص قبل التعرّض للشدة أو المحنة»، وقد تكون هذه الضغوطات عبارة عن فقر، أو انفصال، أو قصور نفسي ووظيفي.
وختامًا: يتبادر إلى الذهن سؤال مهم، كيف يمكن أن نقي أنفسنا من الهشاشة النفسية؟
1-لا تربط سعادتك بأشخاص آخرين إنما السعادة الحقيقية تكمن في نفسك أنت.
2- إياك أن تكون ضعيفا من الداخل منكسرا نفسياً، بمعني أنك تحزن وتنفعل بسرعة ولأتفه الأسباب.
3-لا تعتقد أن هناك شخصا آخر يمدك بالقوة والصلابة النفسية التي تمنحك القدرة على المواصلة، والتي تعوض هذا الضعف الكامن بداخلك، فهذا الشخص هو أنت هو ذاتك ونفسك.
4-احرص دائما أن يكون لك هدف في الحياة.
5-لا تطلق النفس على هواها.
6-اعمل على تعزيز وتوظيف مهاراتك فلكل إنسان مهارة أو جانب معين يتفوق فيه.
7- أي خلل في التركيب النفسي للإنسان يعود لأصل التنشئة وطريقة الأسرة في تربية أطفالها، لذلك ننصح الآباء والمربين بالحرص على توفير الأجواء النفسية الملائمة لتربية نفسية وجسدية وروحية مناسبة للأبناء.
8- الحرص على التغذية الروحية من خلال العمل بكتاب الله وسنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.
9- التحلي بالصبر والمصابرة وتحمل المسؤولية.
10- التحلي بالصمود النفسي والإيجابية.