المملكة العربية السعودية بلد الإسلام والسلام، أُسِّسَت من أول يوم على تقوى من الله ورضوان، فنصرت دين الله، وخدمت الحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة، وأوجدت المجمعات الضخمة لطباعة المصحف الشريف، والسنة النبوية، وقبلت في جامعاتها الآلاف المؤلفة من المسلمين مجانا، بل وتعطيهم مكافآت وسكناً حسنا، وأغاثت الملهوف، وأعانت على نوائب الحق، ولذلك فإن الله لايخزيها أبداً، مهما تآمر عليها الأشرار، بل لا يزال لها من الله ظهير على من عاداها.

وقد شكى رجلٌ قومَه للنبي عليه الصلاة والسلام، وأنه يصلهم ويقطعونه، ويُحسن إليهم ويُسيئون إليه، ويحلُم عنهم ويجهلون عليه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لئن كنت كما قلت فكأنما تُسِفُّهم المَلّ، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك.

والمملكة تحسن ويأتيها الأذى من بعض من أحسنت إليهم، وها نحن نسمع تسجيلات ومؤامرات شريرة يقوم بها أشخاصٌ أحسنت لهم المملكة، واستقبلتهم للدراسة في جامعاتها، وهيأت لهم كل السبل لراحتهم، فقابلوا هذا الإحسان بالجحود والنكران والخيانة، وهم بفعلهم هذا لن يضروا إلا أنفسهم، فالمملكة كالجبل الأشم من يصطدم به سيتحطم وينتهي، فالقذافي على سبيل المثال تآمر على المملكة وقادتها فذهب إلى مزبلة التاريخ، وعلي عبدالله صالح أحسنت إليه المملكة فتآمر ضدها، فكان عاقبة أمره خُسْرا، وتآمر عليها صدام فسلط الله عليه من يسومه سوء العذاب، وتآمر حزب الإخوان ودعاته ونظام قطر على أذية المملكة، وتعاونوا سراً مع أعداء الإسلام لإلحاق الضرر بالمملكة التي أحسنت إليهم، ففضحهم الله، وأخرج أضغانهم وأحقادهم أمام الناس، فسوّد الله وجوههم أمام أهليهم ومجتمعهم وكل الشرفاء في العالم، فالخائن لا قيمة له حتى عند من يستخدمه، وقديماً أبى نابليون مصافحة رجل تجسس له ضد مجتمعه، وقال: نعطيك مبلغا من المال، أما يدي فلا تصافح من خان وطنه ومجتمعه.

فالخونة منبوذون، ولا يمثلون إلا أنفسهم ومن أعانهم.

ومهما تكن عند امرئ من خليقة، وإن خالها تخفى على الناس تُعْلَمِ، فالذين يتظاهرون بالخير، ويُبطنون شراً، سيفضحهم الله، هذه سنة الله تعالى، وإن شئت دليلاً من كتاب الله على ذلك فاقرأ قوله تعالى: (أم حسب الذين في قلوبهم مرض أن لن يخرج الله أضغانهم * ولو نشاء لأريناكهم فلعرفتهم بسيماهم ولتعرفنهم في لحن القول واللَّه يعلم أعمالكم).

ومع أن الله يدافع عن الذين آمنوا، وأخبرنا أن المكر السيئ لا يحيق إلا بأهله، إلا أنه سبحانه شرع لنا الأخذ بالأسباب والحذر، فقال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا خذوا حذركم).

ومن الأسباب التي أراها مهمة ما يلي:

1 - تقوية اللحمة الداخلية، فإن الأجنبي مهما حاول الإساءة فإنه لا يستطيع ما لم يكن له أعوان على الشر في الداخل.

2 - وسائل التواصل الاجتماعي سلاح ذو حدين، فيُشكَر من يستخدمها للدفاع عن دينه ووطنه بعلم وعدل، ويُذكّر من يستخدمها لتصفية حساباته الشخصية والحزبية تحت شعار الدفاع عن الوطن، يُذكّر بأن عليه أن يتق الله، ولا يستخدم شعار الدفاع عن الوطن في الإساءة للوطن والمواطنين، وليعلم أنه بهذا المسلك يسعى إلى الفُرقة والفتنة والانقسام، وقد نصت المادة الثانية عشرة من النظام الأساسي للحكم على أن «تعزيز الوحدة الوطنية واجب، وتمنع الدولة كل ما يؤدي للفرقة والفتنة والانقسام».

3 - من مؤشرات الأداء الجيد للداعية والمفكر والأستاذ والإعلامي وغيرهم، سلوك الهدي النبوي في الدعوة، وكثرة عدد من أثّر عليهم إيجاباً، فصاروا مع وطنهم وقيادتهم، بعد أن كان لديهم بعض التكاسل أو الشبه والأفكار الضالة.

أما تنفير الناس، وكثرة من أثّر عليهم سلباً، فهو من مؤشرات الأداء السيئ ولا يحتاج جهدا، فقط يحتاج إلى الغلظة والفظاظة وسلاطة اللسان والاتهام وتشكيك الناس في وطنيتهم وولائهم بالظن والهوى.

4 - طلاب الجامعات فيهم خير كثير، ولديهم حب لوطنهم وقيادتهم، ولدى بعضهم أسئلة كثيرة حول ما يسمعونه في القنوات والحسابات المعادية، ومن المهم اتساع الصدر لهم، والإجابة عن أسئلتهم، بعلم راسخ، وعقل راشد.

5 - الصبر وتقوى الله مانع من ضرر كيد الأشرار، قال تعالى (وإِن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئا إن الله بما يعملون محيط) فمن أتى بالأسباب التي وعد الله عليها النصر، وهي الصبر والتقوى لم يضره مكر الأعداء، بل يجعل الله مكرهم في نحورهم لأنه محيط بهم بعلمه وقدرته، فلا منفذ لهم عن ذلك ولا يخفى عليه منهم شيء، هذا وعد الله، ووعد الله حق لا شك فيه.