ولدت في الأحساء، حيث كان والدها قد انتقل من مكة المكرمة إلى هناك مديرا للجمارك. في الخامسة من عمرها عادت إلى جدة، وبين جدة ومكة كانت أذناها تتنقلان بين إيقاعات التراث وأنغامه، حيث كان والدها يعزف على العود، وكانت دائما ما تحاول أن تتعلم العزف ولكن على العود الخاص بأخيها، إلى أن اشترى لها والدها عودا خاصا بها لسماع أنغامها في العزف، بعدما رأى فيها جموح الرغبة في العزف على الآلة التي عشقتها «توحة» بكل جوارحها.

البدايات

في طفولتها ساهم شقيقها الدكتور محمد حسن يحيى، الملحن والشاعر في تلقينها مبادئ الغناء، وكان أول من أنشأ معهداً موسيقياً خاصاً في السعودية، استفادت منه بشكل كبير، حيث ساعدها بالتعرف والتعاون مع فنانين معروفين في ذلك الوقت، إلى جانب سماعها ما كانت تردده والدتها وتحفظه. كان عند والدها مكتبة عامرة بالتسجيلات الغنائية القديمة على أسطوانات «الفونوغراف»، وكانت حريصة على الاستماع إليها، ما ساعدها على تكوين ثقافة موسيقية عالية، تعرفت من خلالها على مختلف أشكال الغناء العربي، بعد أن تعلمت العزف على العود والمقامات الموسيقية والأداء الصحيح لها، حتى كانت بداياتها في إحياء المناسبات، وبعد ذلك بأعوام عدة بدأت تجربتها في كتابة الأعمال الغنائية ثم تلحينها.

مؤشر فرح

غنت أمام الجمهور في سن مبكرة، إذ كان أول ظهور لها في أحد الأفراح، وهي في الثالثة عشرة، غنت (توحة) في تلك الحفلة للنساء، وبدأ الكل يتناقل اسمها عبر الأحاديث النسائية بجمال ما غنت. أحيت مناسبات اجتماعية عدة لأهالي مكة المكرمة خاصة في محلة الشبيكة، وفي منتصف الستينيات الميلادية بلغت شهرتها المدينة المنورة والطائف وجدة، وكان مجرد وجود الفنانة (توحة) في مناسبة، مؤشر للفرح والبهجة.

ثوبها الخاص

بين إيقاعات الدانات والمجارير والخبيتي، والتنقل بنبرات وطبقات الصوت بين المجس والموال والحدري، كانت (توحة) تجد روحها الغنائية ولونها الشعبي الذي اتخذته من بيئتها لتنسج ثوبها الغنائي الخاص بها، وكان والدها (حسن بن يحيى) قد نسخ ما يقارب ثلاثة آلاف صفحة من قصائد الدانات والمجارير والأغاني التراثية لحفظها وتدوينها، وكانت هذه الصفحات رفيق سلوتها حين تعزف على آلة العود إلى أن فُقدت من عائلتها هذه المدونة، التي تتمنى أن تجدها وتشتريها بالمال لتعود إلى مكتبة والدها التي ورثتها عنه.

يا بنت يا مستحية

تعد الفنانة (توحة) أول فنانة سعودية تسجل أسطوانات في الستينيات الميلادية، وبدأت شهرتها مع غنائها (خايفة أقول لك كلام) من كلمات الشاعر (صالح جلال)، لكن معظم أغانيها كانت من كلمات شقيقها (محمد حسن يحيى)، بالإضافة لتعاونها مع الشاعرة (ثريا قابل) والشاعرة (خديجة بارودي) والشاعر (صالح جلال) والشاعر (إبراهيم خفاجي)، ومن أشهر من لحن لها (فوزي محسون) و(سراج عمر). ولا تنسى توحة حفلة (الرياض) بالسبعينيات الميلادية والتي زادت من شهرتها بالمملكة، إذ أحيت مناسبة زفاف لأول مرة عند إحدى عائلات الأسرة المالكة، وقدمت أغنيتها (يا بنت يا مستحية)، وتقول إنه بدأ ترديد اسمها بعد أن شدت بهذه الأغنية الخاصة بها، التي صارت ترددها في كل حفل زفاف تحييه.

إعجاب أم كلثوم

كان الأمير (عبدالله الفيصل) مؤمنا بموهبة توحة، وكان دائما يوفر لها الدعم المعنوي، بتسهيل لقاءاتها بكبار الفنانين للاستماع إلى صوتها، فقد استمعت (أم كلثوم) لها مباشرة في بيته بمكة، وأثنت على صوتها، كما أهداها الأمير عبد الله كتابين من إصداراته الشعرية لتختار ما تريد لتغنيه، لكنها اختارت نصوصا أدتها كموالات تسبق أغانيها.

امتازت علاقة توحة بأم كلثوم، بالارتباط الفني والحسي، إذ حضرت لها حين كانت أم كلثوم تتهيأ للغناء من قصائد ديوان الأمير. استمعت أم كلثوم إلى الدانات بصوت توحة، أعجبت كثيرا بما قدمته من التراث، وكان لهذا الإعجاب أثر في تسهيل مهمة (توحة) بدخول الإذاعة المصرية، التي بثت لأول مرة أغاني لفنانة سعودية.

طلب عبد الوهاب

حينما سمع محمد عبدالوهاب عن توحة، أرسل لها بطلب عدة قصائد مغناة بلون الدانة بصوتها لكي يستمع إليها، فسجلت دانة (دع ما سوى الله واسأل)، ولم تخف رغبتها الملحة بأن تغني لحنا لعبدالوهاب، لكنها استدركت وتراجعت، كي لا تخلط بين ألحانها الشعبية التي تغنيها بالألحان المصرية على حد تعبيرها، فقد كانت تعتبر دائما أن الفنان يعبر عن بيئته وتراب وطنه بلونه الغنائي الذي يقدمه.

أعجب عبدالحليم حافظ بأغنية لتوحة وهي (كيف أتوب وأنا في عيونك أذوب) عند سماعه لها في جدة، وطلب أن يسجلها بمصر، وحفظ اللحن بعد أن غنتها معه ست مرات، لكن ظروف مرضه ورحيله المبكر لم يسعفانه لأن يغنيها، وبقيت الأغنية محفورة في أذهان المستمعين بصوت توحة.

إظهار الفنانين

ساهمت توحة بمساعدة أبرز الفنانين في الظهور، ولكنها دائما ما تتجنب ذكر ذلك لكونها تعده عملا إنسانيا بحتا، ولإيمانها بالمقولة الشعبية «الناس بالناس والكل بالله»، وهي التي اتخذت من أحاديث الناس وعباراتهم وأمثالهم وحكم الأولين، مطالع ومذاهب لأغانيها التي لم تتعد في تسجيل معظمها الإيقاع والعود، وتدخل بسيط من آلتي الكمان والناي في بعض الأغاني.

فتحية بنت حسن بن يحيى

اسم الشهرة (توحة)

ولدت في مدينة الأحساء عام 1934

كرمت كواحدة من أبرز رائدات الغناء السعودي

كرمت في الرياض عام 2016 من الجمعية السعودية للمحافظة على التراث

برعت في أداء الدانة

لقبت بأميرة الدانة

من أشهر أغانيها

أشر لي بالمنديل

كنت خالي البال

أهل مكة حمام

أوحشتنا ياللي غايب

رب صل «دانة»