تماشياً مع رؤية المملكة 2030 التي تسعى، وتهدف إلى دعم المرأة، وتمكينها، ومع كثرة المطالبات بتعيين المرأة بمنصب قاضية، طرحت آراء عدة حول مدى قابلية هذا التعيين للتطبيق قريباً، وما إن كانت المرأة قادرة على النجاح في هذا المنصب.

خلاف فقهي

أوضح الباحث الشرعي، ومدير هيئة الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر سابقاً الدكتور أحمد الغامدي أن الرأي الشرعي حول جواز تعيين المرأة في منصب القضاء فيه خلاف فقهي مبني على الأخذ بحديث (لا يؤمن قوم ولوا أمرهم امرأة)، وعلى رؤية فقهية حول شهادة المرأة، وقدرتها على تحمل منصب القضاء، فمن الفقهاء من يرى عدم جواز تكليف المرأة بالقضاء كونه جزءا من الولاية العامة، وهناك من الفقهاء من خالف ذلك كالأحناف، وابن حزم، والطبري، حيث يرون جواز تولي المرأة القضاء؛ لعدم وجود دليل صريح يمنع المرأة من تولي منصب القضاء، فهي كالرجل كما قال صلى الله عليه وسلم: (النساء شقائق الرجال)، وكما قال الله تعالى (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ)، فلا فرق بين الرجل، والمرأة خاصة أن القضاء في عصرنا الحاضر لا يتولاه شخص منفرد بينما يتم تكوين لجان، فهو منضبط لا يخشى من حصول خلل فردي فيه، وحتى إن تولت المرأة القضاء فردياً، فلا دليل في الشرع يمنعها.

الاحتجاج بالحديث

تابع أما عن حديث (لا يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة) الذي يحتج به من يرى عدم جواز تولية المرأة القضاء فهو حديث صحيح أخرجه البخاري، ولكن لا يحمل على العموم؛ لأنها قضية عين تحدث فيه الرسول عن ابنة كسرى، والسياق يدل أنها المقصودة به، وهذا يعضده أدلة، فقد شهد القرآن لرشد بلقيس ملكة سبأ عندما استشارت قومها، وأشاروا عليها بالحرب على سليمان، ولرجاحة عقلها لم تقبل هذا الرأي، وأرسلت لهم هدية، فكان في تصرفها، وحكمتها ما يدل على أنها أكثر نضجاً، ووعياً ممن أشار عليها بالحرب، والقتال، فكانت سبباً لفلاح قومها، ونجاتهم بعد أن آمنت معهم بسليمان، فهذه القصة تدل على أن المرأة تولت أمراً عاماً، وهي قادرة على ذلك، وتثبت أن الحديث السابق ليس للعموم، وإن أخطأت امرأة واحدة لا يعني عجز جميع النساء، وخطأهن، فهذا يرد على الرجال كما يرد على النساء، والحديث قال فيه الرسول، صلى الله عليه وسلم، (لا يفلح)، وليس (لن يفلح)، فدلالة لا تختلف عن لن؛ لذلك استناد عدد من الفقهاء على هذا الحديث ليس صريحاً، فالحديث صحيح، لكنه غير صريح، ويختص بقصة ابنه كسرى، فلا يسلّم القول بعدم جواز تعيين المرأة في القضاء.

كما أكد الغامدي أن هناك مسائل قضائية، يستحسن أن تتولاها المرأة فيما يخص القضائية النسائية أفضل من أن يتولاها الرجل في بعض الأحيان، بالإضافة إلى أن فتح المجال للنساء في القضاء سيعيد التوازن الاجتماعي لجهات كثيرة، فسيجعل المرأة شريكة في التنمية، ومطلعة على الجانب العدلي.

آراء فقهية

ذكرت المحامية هناء العصلاني، لا يوجد نص قانوني يمنع المرأة من تولي منصب قاضية، ولكن قد تكون بعض الآراء الفقهية تمنع ذلك، لا سيما وأن النظام الأساسي للحكم في المملكة قائم على الشريعة الإسلامية، وتولي المرأة القضاء محل خلاف بين الفقهاء.

وترى أن سبب عدم تولي المرأة السعودية منصب قاضية حتى الآن رغم وجود قاضيات في معظم دول العالم هو بعض الآراء الفقهية التي لا تجيز ذلك، وكذلك الموروث الثقافي، والديني عند بعض أفراد المجتمع الذي قد لا يتقبل ذلك، والمهم أن توليها للقضاء الآن أصبح فكرة قابلة للتطبيق، وتدرس بشكل جدّي.

إنجازات متتالية

أضافت الإخصائية الاجتماعية كوثر الشدوي أن وجود المرأة في النظام القضائي قد يشكل عاملاً ذات أهمية للتغيير نحو جهاز قضائي أكثر مراعاة لاعتبارات الجنسين، وإلى إنشاء بيئة أكثر ملاءمة للنساء في المحكمة، كما أشارت إلى أن مشاركة المرأة السعودية في الجهاز القضائي يساهم في إنشاء مؤسسات قضائية قوية، ومستقلة.

ونوّهت أن المسائل القضائية تعتمد على الكفاءة، ولا ترتبط بجنس القاضي، فهي لا تتعلق بخصوصيات، وطبيعة القاضي بقدر ما تتعلق بالتشريعات التي يتم سنها، وكذلك نزاهة القاضي في التعاطي مع القانون، وإقامة العدل.

- عدم جواز تولية المرأة القضاء هو حديث صحيح أخرجه البخاري

- الأحناف وابن حزم والطبري يرون جواز تولي المرأة القضاء

- تغيير الجهاز القضائي إلى أكثر مراعاة لاعتبارات الجنسين

- المسائل القضائية تعتمد على الكفاءة ولا ترتبط بجنس القاضي

- فتح المجال للنساء في القضاء سيعيد التوازن الاجتماعي لجهات كثيرة

- تولي المرأة للقضاء أصبح فكرة قابلة للتطبيق وتدرس بشكل جدّي