هيئة الغذاء والدواء جهاز حساس، تتميز بإدارتها الحازمة والمحنكة، ويدار العمل فيها بسرية تامة وبطريقة يصعب على القطاع الخاص مهما أوتي من قوة أن يتدخل في عملها.. وبالتالي حينما تستعين إحدى المؤسسات العاملة في هذا المجال بشخص عمل في الهيئة العامة للغذاء والدواء فهي ـ والله أعلى وأعلم ـ تريد الاستعانة بشخص يعرف الأنظمة والمحاذير جيدا، ومؤهل تأهيلا عاليا. ولذلك فالذي يعرف طبيعة العمل في الهيئة العامة للغذاء والدواء سينزعج حتما من تصريح أحد مسؤولي الهيئة حينما أعلن عن استقالة 17 مهندسا واختصاصيا سعوديا من الهيئة لحصولهم على فرص وظيفية أخرى! الرقم كبير، وتبريرات نائب الرئيس التنفيذي لقطاع الأجهزة والمنتجات الطبية بالهيئة في ظاهرها مثالية.. وفي باطنها حقيقة مرة.. حيث أعاد السبب إلى "مساهمة تنظيمات قطاع الأجهزة الطبية في إيحاد فرص وظيفية للشباب السعودي المتخصصين في القطاع ونتيجة لحاجة القطاع الخاص إلى تنظيم إجراءاته بما يتلاءم واشتراطات ومتطلبات الهيئة"!

الواقع أن هؤلاء المهندسين والاختصاصيين وجدوا في القطاع الخاص فرصا ذهبية لا يمكن التفريط بها.. القطاع الخاص يعرف قيمة مهندس أو فني عمل في الهيئة العامة للغذاء والدواء.. لأنه يدرك جيدا أنه جاء من أحد أهم الأجهزة الرقابية في دول مجلس التعاون اليوم.

مشكلة الهيئة ـ إن وجدت ـ هي مسألة الرواتب والحوافز.. لا يمكن للموظف أن يترك مكان العمل إلا في حال كانت العروض والحوافز في الخارج أفضل.. وهذا هو فيما يبدو السبب الذي لم يستطع نائب الرئيس الإفصاح عنه.. يفترض أن تدعم الهيئة ويعاد النظر في كوادرها المالية والوظيفية.. عطفا على أهمية وحساسية العمل الذي تقوم به.. لأنني أخشى ما أخشاه أن أسمع يوما عن استقالة نائب الرئيس نفسه، ولحاقه بزملائه!