تكتسب استراتيجيات الإدارة لدى الشركات المتوسطة والصغيرة أهمية متزايدة عاماً بعد آخر، من حيث فهم واستيعاب المستويات الإدارية المختلفة في تلك الشركات لمفاهيم إدارية كانت حتى وقت قريب بعيدة عن قائمة اهتمامات مؤسسات لطالما مارست أعمالها وفق مفاهيم تسيير الأعمال التقليدية. ونظراً لاحتدام المنافسة في الأسواق المحلية والعالمية، باتت تلك الشركات على قدرٍ كافٍ من القناعة بأن إدراك فلسفيات الإدارة الحديثة نسبياً لم يعد ضرباً من الترف الفكري الإداري، بقدر ما هو حاجة ملحّة اليوم لمواصلة الأعمال، ولضمان حصول تلك الشركات على موطئ قدم في أسواق جديدة، وعدم خسارتها لمواقعها في أسواقها الحالية.

وتتناول الخطط الإدارية الاستراتيجية مفاهيم تتعلق برسالة المؤسسة ورؤيتها وأهدافها لثلاث أو خمس سنوات مقبلة، مع الأخذ بعين الاعتبار أهمية تحديد الأطر الخاصة بقياس الأداء، وضمان تحقيق عناصر مقاييس الجودة التي من الضروري أن تكون مصاحبة لتنفيذ المشاريع. أما الخطة التشغيلية والتي تعرف أيضاً باسم "خطة العمل"، فتعتبر بمثابة مخطط عمل تقوم مؤسسة ما برسمه ووضع عناصره ومكوناته لتنفيذ استراتيجياتها على المستوى القصير وفي مدة قد لا تتجاوز العام الواحد.

ومن هنا، فإن الخطة الاستراتيجية تعتبر بمثابة نظرة على المستقبل برؤية قادرة على سبر أغوار الحاضر وتطويعه لتحقيق منجزات عالية القيمة على المستوى البعيد.

أما الخطة التشغيلية، فتتعامل مع الأهداف اليومية والأسبوعية. وهكذا فإن الخطتين تمتلكان سياقات مختلفة تقود إلى اعتماد مؤشرات توجيهية محددة لكل خطة، من أجل ضمان التطبيق الدقيق لمرتكزات كل خطة والوصول إلى المخرجات النهائية المطلوبة.

وعلى صعيد السياقات المتعددة لكلتا الخطتين، فمن المهم ملاحظة أن الخطة الاستراتيجية تستند إلى رؤية الإدارة العليا في المؤسسة، على عكس الخطة التشغيلية والتي ترتكز على رؤية مدراء الأقسام الإدارية التي تقوم بدور تنفيذي حيث تتعاون الإدارات المختلفة في تحقيق الرؤية الاستراتيجية التي تضعها الإدارة العليا.

ويضع الخطة الاستراتيجية فريق قيادة رفيع المستوى، وعلى درجة عالية من التأهيل والخبرة والممارسة الإدارية طويلة الأمد، وهي السمات التي يكتسبها ذلك الفريق من خلال التراكم الذي يتعلق بممارساته الإدارية لعدة سنوات ما من شأنه أن يمكنه من الوصول إلى مرحلة عالية من فهم المرتكزات الفكرية الإدارية اللازمة لتكوين رؤية استراتيجية يتم رسمها لتقوم الفرق الإدارية المختلفة في المؤسسة بتنفيذها. من جهةٍ أخرى، فإن الخطة التشغيلية لمؤسسة ما، تتطلب أن يكون لكل إدارة قائد قادر على صناعة تجانس إداري وتكامل تشغيلي بين إدارته وبقية إدارات المؤسسة الأخرى، وأن يترجم الأنشطة التشغيلية اليومية والأسبوعية إلى مخرجات مشتركة بين إدارته وبقية الإدارات الأخرى.

كما تهتم الخطة الاستراتيجية بالميزانية الاستراتيجية العامة وهي الميزانية التي توضع لتغطية المشاريع والمبادرات الاستراتيجية التي تقوم بها المؤسسة، بينما تأتي الميزانية التشغيلية كتعبير عن حجم الإنفاق التشغيلي لعام واحد على سبيل المثال.

وعلى صعيد التقرير الاستراتيجي فهو تقرير يتم كتابته سنوياً أو بشكل ربع سنوي، من قبل لجنة التخطيط الاستراتيجي أو بواسطة الفريق التنفيذي، ويبين ذلك التقرير الملامح العامة والتفصيلية لأداء المؤسسة وفقاً لأهدافها الاستراتيجية التي تم وضعها مسبقاً.

أما التقارير التشغيلية فقد تمتد لتغطية عشرات أو مئات المشاريع التي تعمل على تنفيذها إدارات المؤسسة المختلفة، وعادةً ما يتم كتابة هذه التقارير شهرياً.

التخطيط الاستراتيجي يجب أن يسير جنباً إلى جنب مع التخطيط التشغيلي، فلكل منهما دوره الخاص في نجاح المؤسسة وفي تحقيق أهدافها التي وضعتها الإدارة العليا، وعلى مستوى إنجاح مساعي الإدارات المختلفة في تنفيذ الاستراتيجيات العامة من خلال الأدوات التي لها القدرة على تنفيذ عناصر ومتطلبات التخطيط التشغيلي التي ترسمها المؤسسة لكي تكون موضع التنفيذ.