دخلت لائحة الوظائف التعليمية الجديدة حيز التنفيذ بما فيها رُتب المعلمين، والتي من أهم متطلباتها للترقية الرخصة المهنية للمعلِّم، وهي وثيقة تُصدرها هيئة تقويم التعليم والتدريب وفق معايير محددة، ويكون الحاصل عليها مُؤهلاً لمزاولة مهنة التعليم بحسب مستويات ومدة زمنية محددة، وتُعد الرخصة المهنية إحدى المتطلبات للحصول على الرُتبة المهنية الصادرة من قبل وزارة التعليم، وحتى يتمكن المعلم من الحصول على الرخصة لا بد من اجتياز الاختبارات المهنية للحصول عليها، وتهدف الرخصة المهنية التعليمية في رفع جودة أداء المعلمين وفق المعايير المهنية ومتطلبات الترخيص المهني التعليمي، والتحفيز على التطوير المهني للمعلمين والتعلم الذاتي، والتطبيق العملي للمعايير المهنية في مجال التخصصات التعليمية، وضمان استيفاء المعلمين للحد الأدنى المقبول من معايير الكفاية المهنية.

وبحسب الأهداف السابقة فإن الرخصة المهنية للمعلمين أصبحت مطلبا ضروريا لمُواكبة المتغيرات العصرية المتسارعة ضمن رؤية المملكة 2030، والتي من أهمها جودة مخرجات التعليم كمُنتج نهائي لعملية التعلم التي ترغب وزارة التعليم تحقيقها من خلال فاعلية الأنشطة التعليمية المحددة عبر دفع المعلمين والمعلمات إلى تطوير أنفسهم ذاتيا في المجال التربوي والتخصص العلمي، وربط ترقياتهم بالجدارة والاستحقاق مقابل الكفاءة في الأداء والالتزام الوظيفي، والتمييز الإيجابي للمعلمين والمعلمات يتطلب تصنيفهم إلى رُتب عِلمية مبنية على مستوى الأداء والتطور المهني، وتُصنف هذه الرُتب إلى رُتبة معلم ممارس، ومعلم متقدم، ومعلم خبير، وتقسم هذه الرُتب إلى مستويات عدة.

وفي المقابل يرى العديد من المعلمين والمعلمات أن الرخصة المهنية التعليمية مَطب وعائق في مسيرتهم وعطائهم التربوي والتعليمي، وأن المعلم بحاجة إلى تنمية مهاراته المهنية عمليا، وإيجاد بيئة تدريب تفاعلية تُساعده على أداء نشاطه في الصف الدراسي، وتجعل من الطالب مُستمتعا بالتعلم أكثر من شغل المعلم باختبارات شكلية من شأنها أن تُؤثر في نفسيته وتُعطل نشاطه ولا تقيس مهاراته، وتأخذ اهتمامه إلى اجتياز الرخصة من خلال حفظ كم كبير من المعلومات التي يتطلب الإجابة عليها من أجل الحصول على درجة 50 فأكثر، من أجل البقاء في رتبته أو التي أعلى منها دون قناعة منه بجدوى هذه الرخصة، والتي هي معيار وظيفي للبقاء وليست مهارة للارتقاء، كما أنها تقفل الجانب العملي والجهود التي يبذلها المعلمون والمعلمات على أرض الواقع ومعاناتهم مع الطلبة، وأيضا هي لا تفرق بين معلم يتميز بالجانب النظري في شخصيته وحفظ المعلومات وقادر على استظهارها في الاختبارات، وبين معلم لديه مهارات عَملية في إدارة الصف وتوجيه الطلبة إلى فهم المادة العلمية، كما أن إعادة الاختبار للمعلم الذي لم يجتز الرخصة قد يُؤدي إلى انخفاض معنوياته وإحباطه وتقليل كفاءته ودافعيته.

يقول الكاتب إبراهيم البليهي إن «الإنسان كائن تِلقائي فهو لا يتعلم بقسر نفسه على التعلم، وإنما يتعلم حين يندفع إلى المعرفة برغبة وشغف؛ حيث تنفتح قابلياته ويمتص المعرفة كما يمتصُ الإسفنج الماء»، والمعلم إنسان تِلقائي كما هو التلميذ في تحصيله الدراسي الذي يقوم المعلم على تحفيزه نحو التعلم وتنشئته وصقل مهاراته، فمهمة وزارة التعليم عبر إداراتها تهيئة البيئة والمناخ والجاذبية والوسائل المساعدة لرفع مهارة المعلم في واقع الميدان التربوي نحو جودة الأداء، فالمعلم والمعلمة بحاجة إلى التحفيز المعنوي والمادي الكبير وإشعال شغفه ورغبته نحو التعلم الذاتي الذي سوف ينعكس إيجابيا على العملية التعليمية وعلى تحسين مُخرجاتها، والتشهير الإعلامي بلائحة الوظائف التعليمية والتلويح بعصا الرخصة المهنية على ظهور المعلمين والمعلمات، يحتاجان إلى مراجعة جادة من قبل وزارة التعليم والجهات الإشرافية وهيئة تقويم التعليم والتدريب، لأن فيهما شيئا من إحباط المعلمين، فالرخصة المهنية للمعلمين والمعلمات مَطلب عصري يتحقق بإيقاظ الرغبة والشغف بالتنمية المهارية، ومَطب يعوق سُرعة الانطلاق نحو المهارة المهنية إذا تم التخويف من عدم الحصول عليها.