يواجه الأطفال على المستوى العالمي مخاطر مختلفة، تجاوزت حاجتهم للحماية من العنف الأسري، وحمايتهم من الإهمال لأبسط حقوقهم في الحياة، ومن تأمين لاحتياجاتهم الضرورية، وحمايتهم من الاستغلال بأنواعه، حتى برزت لنا من خلال العالم الافتراضي خطورة أشد تهديداً في تكوين شخصياتهم، وخاصة الجانب الأخلاقي!

وكان لجائحة الكورونا للأسف الشديد دور قوي في انشغال الأهالي عن متابعة أطفالهم طوال الوقت، وذلك لانشغالهم المستمر بمتطلبات أعمالهم عن بعد، ما أدى لإهمالهم المباشر، وذلك بالسماح لهم بالدخول والتسجيل في مختلف التطبيقات بهدف التسلية واللهو وتضييع الوقت، لكن النتائج للأسف الشديد تجاوزت اللهو البريء والاهتمامات الطفولية، خاصة بعد دخولهم تطبيقات تتجاوز الأهداف السلوكية والثقافية المطلوبة، والمتوافقة مع حبهم للاستطلاع بما يتماشى مع خصائصهم العمرية. فالتطبيقات الإلكترونية كانت تُشكّل خطورةً على مستقبل الأطفال بمستوى يفوق خطورة العنف الأسري وآثاره النفسية والسلوكية، لأنها تُدار من الخارج ومن خلال شبكات معلوماتية إلكترونية مجهولة! لذلك فإن نطاق حماية الأطفال بحاجة إلى تدخل على مستوى أمني واتصالي عالي المستوى. ومن أجل ذلك تبنّى ولي العهد محمد بن سلمان حفظه الله مبادرتي «حماية الأطفال في العالم السيبراني - وتمكين المرأة في مجال الأمن السيبراني»، والتي تم الإعلان عنهما خلال «المنتدى الدولي للأمن السيبراني» في فبراير 2020، والذي نظمته الهيئة الوطنية للأمن السيبراني. حيث ناقش المنتدى أطر التعاون الدولي لمواجهة المخاطر السيبرانية، وتعزيز الأمن السيبراني والتعامل الفعال مع التهديدات السيبرانية. إذ المخاطر التي تحيط بأطفالنا في عالمنا الواقعي ما زالت إجراءات حمايتهم منها دون المستوى المطلوب بالرغم من الجهود المبذولة، والمبادرات، والأنظمة الحقوقية، لذلك فإن التدخل لحمايتهم في عالمنا الافتراضي لا بد أن يكون أقوى وبمهنية عالية المستوى، ولكن من خلال الآتي:

لابد أن تتطور متابعة آليات بلاغات العنف والاستغلال الموجه ضد الأطفال بما يتناسب وأهداف مبادرة حماية الطفل في الفضاء السيبراني، التركيز على البرامج التوعوية الموجهة للأهالي عن «خطورة التطبيقات الإلكترونية» التي تسيء لأطفالهم.

أهمية تمكين المرأة العاملة في مختلف المجالات، من خلال البرامج التدريبية المعتمدة في مجال الأمن السيبراني.

تحديث أنظمة الحماية سواء للطفل أو الأسرة بما يتناسب مع خطورة وحساسية العالم الافتراضي وسيطرته على شبكة العلاقات الاجتماعية والأسرية.

تدريب العاملين في خطوط البلاغات عن العنف الأسري، ومساندة الطفل، والبلاغات الأمنية الطارئة على إدراج بلاغات الإساءة الإلكترونية ضمن قائمة اهتماماتها. مع إدراج أدلة إجرائية واضحة لكيفية التدخل الآمن. والأمل إن شاء الله كبير مع انطلاق برنامج الهيئة الوطنية للأمن السيبراني في مجال التوعية، وتأهيل كوادر وطنية في مختلف القطاعات للتعامل مع هذا المجال الحيوي الهام لتحقيق الحماية الوطنية للمملكة، ولمختلف فئاتها ومصالحها الحيوية.