تعهد لهيئة حقوق الإنسان مهام عظيمة ومؤثرة، تمتد في نتاجها لحاضر المجتمع ومستقبله. وقد كانت هيئة حقوق الإنسان السعودية وما زالت تقدم جهودا مشهودة وتؤثربحضورها وعملها في الوعي الحقوقي المجتمعي بشكل كبير.

وبنظرة تفصيلية لنظام الهيئة نجد أن طاقته الفعلية عالية جدا، وأن صلاحيات الهيئة واسعة تكاد تغطي جميع مجالات الحياة المدنية وهذا أمر لافت للنظر.

فقد ورد في المادة الخامسة من نظام الهيئة أن من مهامها الأساسية الكشف عن التجاوزات المخالفة للأنظمة المعمول بها في المملكة والتي تشكل انتهاكا لحقوق الإنسان، ويعني هذا أن لدى الهيئة صلاحية التدخل ابتداء وتحريك الدعاوى وتقديم الشكاوى بشأن كل ما تصنفه أنظمة الدولة انتهاكا لحقوق الإنسان، ويشمل ذلك حقوق المرأة والمساواة في الأجور، وحقوق الطفل وحقوق الموظفين والعمال، ويحق للهيئة كذلك تقديم مذكرات لتعديل لوائح وأنظمة الجهات الحكومية في حال وجدت ما يبرر التعديل وترفع بذلك لمجلس الشورى. والملاحظ أن هذه النطاقات لم تتحرك الهيئة فيها حركة واضحة مؤثرة حتى الآن.

كما أن من سلطات الهيئة متابعة الجهات الحكومية لتطبيق ما يخصها من الصكوك الدولية لحقوق الإنسان. وهذه الصكوك نوعان، فمنها صكوك ذاتية التنفيذ حيث يعتبر توقيع ومصادقة المملكة عليها سندا قانونيا ملزما فيمكن للهيئة متابعته بشكل مباشر، أما النوع الثاني، فصكوك غير ذاتية التنفيذ وهذه تتطلب من المشرع السعودي أوالهيئة مراجعة الأنظمة ورفع مستوى الحماية الحقوقية للأطراف المعنية.

كذلك فإن من صلاحيات الهيئة إبداء الرأي في الصكوك الدولية الخاصة بحقوق الإنسان، ويعني هذا أنه يمكن للهيئة إصدار مذكرات تفسيرية من خلال مستشاريها القانونيين للاتفاقيات والصكوك التي وقعت أو صادقت عليها المملكة، ومن ثم تعمم هذه المذكرات على الجهات الحكومية لإدراجها رسميا ضمن أنظمة عملها.

الواقع أن النظام ضامن قوي للهيئة، إذ يختص بها الموافقة على إقامة الدعاوى والرد عليها فيما يتعلق بمسائل حقوق الإنسان، وعليه فإن الهيئة مخولة بمطالبة الجهات المنتهكة أوالمعطلة لحقوق الإنسان قضائيا أمام الجهات المختصة.

ختاما نظام الهيئة هو في رأيي أحد أكثر الأنظمة وفرة و ثراء وإلهاما، فهو يوفر مجالاً واسعاً وغطاءً رسمياً من أعلى سلطات الدولة - حفظها الله - لخلق مساحة حقوقية تصون كرامة الإنسان مواطناً ومقيماً، وتحقق رؤية الدولة في الوصول إلى جودة الحياة التي أصبحت استحقاقاً للقيادة وللمجتمع على حد سواء.